وَالصَّوَائِفَ، وَسَدَّ فُرُوجَ الشَّامِ وَمَسَالِحَهَا، وَأَخَذَ يُدَوِّرُهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ عَلَى السَّوَاحِلِ مِنْ كُلِّ كُورَةٍ، وَاسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةَ، وَعَزَلَ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ وَقَامَ بِعُذْرِهِ فِي النَّاسِ وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ سُخْطَةٍ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ رَجُلًا أَقْوَى مِنْ رَجُلٍ. وَاسْتَعْمَلَ عَمْرَو بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْأَهْرَاءِ. وَقَسَّمَ مَوَارِيثَ أَهْلِ عَمَوَاسَ، فَوَرَّثَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَخْرَجَهَا إِلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَخَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ.
وَرَجَعَ عُمَرُ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.
وَلَمَّا كَانَ بِالشَّامِ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ لَهُ النَّاسُ: لَوْ أَمَرْتَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، فَأَمَرَهُ فَأَذَّنَ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِلَّا وَبَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، وَعُمَرُ أَشَدُّهُمْ بُكَاءً، وَبَكَى مَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ بِبُكَائِهِمْ وَلِذِكْرِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّ الرُّهَاءَ وَحَرَّانَ وَالرَّقَّةَ فُتِحَتْ هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى يَدِ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ، وَإِنَّ عَيْنَ الْوَرْدَةِ، وَهِيَ رَأْسُ عَيْنٍ، فُتِحَتْ فِيهَا عَلَى يَدِ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ فَتْحِهَا.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ حَوَّلَ عُمَرُ الْمَقَامَ إِلَى مَوْضِعِهِ الْيَوْمَ، وَكَانَ مُلْصَقًا بِالْبَيْتِ.