18 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِ عَشْرَةَ
ذكر الْقَحْطِ وَعَامِ الرَّمَادَةِ
فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَدْبٌ وَقَحْطٌ، وَهُوَ عَامُ الرَّمَادَةِ، وَكَانَتِ الرِّيحُ تَسْفِي تُرَابًا كَالرَّمَادِ فَسُمِّيَ عَامَ الرَّمَادَةِ، وَاشْتَدَّ الْجُوعُ حَتَّى جَعَلَتِ الْوَحْشُ تَأْوِي إِلَى الْإِنْسِ، وَحَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَعَافُهَا مِنْ قَيْحِهَا.
وَفِيهِ أَيْضًا كَانَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ.
وَفِيهِ وَرَدَ كِتَابُ أَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى عُمَرَ يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا الشَّرَابَ، مِنْهُمْ: ضِرَارٌ وَأَبُو جَنْدَلٍ، فَسَأَلْنَاهُمْ فَتَابُوا، وَقَالُوا: خُيِّرْنَا فَاخْتَرْنَا. قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟ وَلَمْ يَعْزِمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّمَا مَنَعْنَاهُ، فَانْتَهَوْا، وَقَالَ لَهُ: ادْعُهُمْ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ وَسَلْهُمْ أَحَلَالٌ الْخَمْرُ أَمْ حَرَامٌ، فَإِنْ قَالُوا: حَرَامٌ، فَاجْلِدْهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ، وَإِنْ قَالُوا: حَلَالٌ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: بَلْ حَرَامٌ، فَجَلَدَهُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى لَجَاجَتِهِمْ، وَقَالَ: لَيَحْدُثَنَّ فِيكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ حَدَثٌ، فَحَدَثَ عَامُ الرَّمَادَةِ.
وَأَقْسَمَ عُمَرُ أَنْ لَا يَذُوقَ سَمْنًا وَلَا لَبَنًا وَلَا لَحْمًا حَتَّى يَحْيَا النَّاسُ. فَقَدِمَتِ السُّوقَ