وَلَمَّا رَجَعَ هَاشِمٌ مِنْ جَلُولَاءَ إِلَى الْمَدَائِنِ بَلَغَ سَعْدًا أَنَّ آذِينَ بْنَ الْهُرْمُزَانِ قَدْ جَمَعَ جَمْعًا وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى السَّهْلِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ضِرَارَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ، فَالْتَقَوْا بِسَهْلِ مَاسَبَذَانَ فَاقْتَتَلُوا، فَأَسْرَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُشْرِكِينَ وَأَخَذَ ضِرَارٌ آذِينَ أَسِيرًا فَضَرَبَ رَقَبَتَهُ. ثُمَّ خَرَجَ فِي الطَّلَبِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّيْرَوَانِ، فَأَخَذَ مَاسَبَذَانَ عَنْوَةً، فَهَرَبَ أَهْلُهَا فِي الْجِبَالِ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَجَابُوا لَهُ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تَحَوَّلَ سَعْدٌ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مَاسَبَذَانَ ابْنَ الْهُذَيْلِ الْأَسَدِيَّ، فَكَانَتْ أَحَدَ فُرُوجِ الْكُوفَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ فَتْحَهَا كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ نَهَاوَنْدَ.
ذكر فَتْحِ قَرْقِيسِيَا
وَلَمَّا رَجَعَ هَاشِمٌ مِنْ جَلُولَاءَ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَقَدِ اجْتَمَعَتْ جُمُوعُ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، فَأَمَدُّوا هِرَقْلَ عَلَى أَهْلِ حِمْصَ، وَبَعَثُوا جُنْدًا إِلَى أَهْلِ هِيتَ، أَرْسَلَ سَعْدٌ عُمَرَ بْنَ مَالِكِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي جُنْدٍ، وَجَعَلَ عَلَى مُقَدَّمَتِهِ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ الْعَامِرِيَّ، فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ فِي جُنْدِهِ نَحْوَ هِيتَ، فَنَازَلَ مَنْ بِهَا وَقَدْ خَنْدَقُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ اعْتِصَامَهُمْ بِخَنْدَقِهِمْ تَرَكَ الْأَخْبِيَةَ عَلَى حَالِهَا، وَخَلَّفَ عَلَيْهِمُ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ يُحَاصِرُهُمْ، وَخَرَجَ فِي نِصْفِ النَّاسِ، فَجَاءَ قَرْقِيسِيَا عَلَى غِرَّةٍ، فَأَخَذَهَا عَنْوَةً، فَأَجَابُوا إِلَى الْجِزْيَةِ، وَكَتَبَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ: إِنْ هُمُ اسْتَجَابُوا فَخَلِّ عَنْهُمْ فَلْيَخْرُجُوا، وَإِلَّا فَخَنْدِقْ عَلَى خَنْدَقِهِمْ خَنْدَقًا بِأَبْوَابِهِ، مِمَّا يَلِيكَ، حَتَّى أَرَى رَأْيِي. فَرَاسَلَهُمُ الْحَارِثُ، فَأَجَابُوا إِلَى الْعَوْدِ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَتَرَكَهُمْ وَسَارَ الْحَارِثُ إِلَى عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ.