{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وهذا لا يمكن إذا جمع الثلاث. وقال علي: لو أن الناس أخذوا بما أمر الله تعالى من الطلاق ما يتبع رجل نفسه امرأة أبدا، يطلقها تطليقة، ثم يدعها ما بينها وبين أن تحيض ثلاثا، فمتى شاء راجعها. وهل يحرم جمع الثلاث؟ فيه روايتان:

إحداهما: يحرم، لمخالفته أمر الله في الطلاق واحدة. وروى محمود بن لبيد قال: «أخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا، فغضب وقال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ‍! حتى قام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله؟» رواه النسائي. ولأنه حرم بالقول امرأته لغير حاجة، فحرم، كالظهار.

والثانية: لا يحرم؛ لأن في حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها أرسل إليها بثلاث تطليقات ولم ينقل إنكاره عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأنه طلاق يجوز تفريقه، فجاز جميعه، كطلاق النسوة، ومتى طلقها ثلاثا بكلمة واحدة، أو بكلمات، حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، لما روي «أن ركانة بن عبد يزيد، طلق امرأته سهيمة البتة، ثم أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله لقد طلقت امرأتي سهيمة البتة، والله ما أردت إلا واحدة. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فقال: هو ما أردت فردها إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رواه الترمذي، والدارقطني، وأبو داود، وقال: الحديث صحيح. فلو لم تقع الثلاث، لم يكن للاستحلاف معنى.

فصل:

ويملك الحر ثلاث تطليقات، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] . وروى أبو رزين قال: «جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: قول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015