والمستحسنة؛ لأن المقصود التأديب لا الإتلاف والتشويه. وهل له ضربها بأول النشوز؟ فعنه: له ذلك، للآية والخبر؛ ولأنها صرحت بالمعصية، فكان له ضربها، كالمصرة. وظاهر قول الخرقي: أنه ليس له ضربها؛ لأن المقصود بهذه العقوبات زجرها عن المعصية في المستقبل، فيبدأ بالأسهل فالأسهل، كإخراج من هجم على منزله؛ ولأنها عقوبات على جرائم، فاختلفت باختلافها، كعقوبات المحاربين.
فصل:
النوع الثاني: نشوز الرجل عن امرأته، وهو: إعراضه عنها لرغبته عنها، لمرضها، أو كبرها، أو غيرهما، فلا بأس أن تضع عنه بعض حقها تسترضيه بذلك، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: 128] . قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها، ويتزوج عليها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني، وأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي. رواه البخاري. «وقالت عائشة: إن سودة لما أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالت: يا رسول الله يومي لعائشة، فقبل ذلك منها. ففي تلك وأشباهها أراه أنزل الله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] » رواه أبو داود. ومتى صالحته على شيء من حقها، ثم أرادت الرجوع، فلها ذلك. قال أحمد في الرجل يغيب عن زوجته فيقول لها: إن رضيت على هذا وإلا، فأنت أعلم، فتقول: قد رضيت، فهو جائز. وإن شاءت، رجعت.
فصل:
وإذا ادعى كل واحد منهما ظلم صاحبه وعدوانه، أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة يطلع عليهما، ويلزمهما الإنصاف. فإن لم يمكن إنصاف أحدهما من صاحبه، وخيف الشقاق بينهما، بعث الحاكم حكما من أهله، وحكما من أهلها، ليفعلا ما رأيا المصلحة فيه من التفريق بعوض أو غيره، أو الإصلاح بترك بعض الحقوق أو غيره، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] ويجوز أن يكون الحكمان أجنبيين؛ لأنهما إما وكيلان،