ولم يسمعه، ولا ينصرف لسماع الدف؛ لأنه مشروع، ولا لرؤية نقوش وصور غير الحيوان، كالشجر والأبنية؛ لأنه نقش مباح، فهو كعلم الثوب. وأما صور الحيوان، فإن كانت توطأ أو يتوكأ عليها، كالبسط والوسائد، فلا بأس بها. وإن كانت على حيطان أو ستور، انصرف، لما روت «عائشة قالت: قدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سفر وقد سترت لي سهوة بنمط فيه تصاوير، فلما رآه قال: أتسترين الجدر بستر فيه تصاوير فهتكه. قالت: فجعلت منه وسادتين وحشوتهما ليفا، فلم يعب ذلك علي» . فإن قطع رأس الصورة، أو ما لا يبقي الحيوان بعده، كصدر وظهر، ذهبت الكراهة؛ لأنه لا تبقى الحياة فيه، فأشبه الشجر. وإن أزيل منه ما تبقى الحياة بعده، كيد أو رجل، فالكراهة بحالها؛ لأنها صورة حيوان. وإن سترت الحيطان بستور غير مصورة لحاجة من حر أو برد، جاز ولم يكره؛ لأنه يستعمله لحاجة، فأشبه لبس الثياب. وإن كان لغيره حاجة، ففيه وجهان:

أحدهما: هو محرم، لما روي عن علي بن الحسين قال، «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تستر الجدر» . رواه الخلال. والنهي يقتضي التحريم. ودعا ابن عمر أبا أيوب، فجاء فرأى البيت مستورا بنجاد أخضر، فقال: يا عبد الله ‍‍‍‍‍‍! أتسترون الجدر؟ لا أطعم لكم طعاما، ولا أدخل لكم بيتا، ثم خرج.

والثاني: هو مكروه؛ لأن ابن عمر أقر عليه ولم ينكر؛ ولأن كراهته، لما فيه من السرف، فلا يبلغ به التحريم، كالزيادة في الملبوس. ويجوز الرجوع لذلك، لفعل أبي أيوب.

فصل:

فأما سائر الدعوات غير الوليمة، كدعوة الختان، وتسمى: الأعذار، والعذيرة، والخرس والخرسة عند الولادة. والوكيرة: دعوة البناء. والنقيعة: لقدوم الغائب. والحذاق: عند حذق الصبي. والمأدبة: اسم لكل دعوة لسبب كانت أو لغير سبب، ففعلها مستحب، لما فيه من إطعام الطعام وإظهار النعمة، ولا تجب الإجابة إليها، لما روي «عن عثمان بن أبي العاص أنه دعي إلى ختان فأبى أن يجيب، وقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يدعى إليه» . رواه الإمام أحمد. وتستحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015