إحداهما: يرجع فيها إلى اجتهاد الحاكم، فيفرض لها ما يؤديه اجتهاده إليه؛ لأنه أمر لم يرد الشرع بتقديره ويحتاج إلى الاجتهاد، فرد إلى الحاكم، كالنفقة.
والثانية: أعلى المتعة خادم، وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها، وأوسطها ما بين ذلك، لقول ابن العباس: أعلى المتعة خادم، ثم دون ذلك النفقة، ثم دون ذلك الكسوة. وهذا تفسير من الصحابي، فيجب الرجوع إليه.
فصل:
وكل فرقة أسقطت المسمى، أسقطت المتعة، وما نصفت المسمى، أوجبت المتعة؛ لأنها قائمة مقام نصف المسمى، فاعتبر ذلك فيها. وسئل أحمد: عن رجل تزوج امرأة ولم يكن فرض لها مهرا، ثم وهب لها غلاما، ثم طلقها، قال: لها المتعة، وذلك لأن الهبة لا تنقضي بها المتعة، كالمسمى.
فصل:
فأما المفوضة المهر، وهي التي تزوجها على حكمها، أو حكمه، أو حكم أجنبي، أو بمهر فاسد، أو يزوجها غير الأب بغير صداق بغير إذنها، فإنه يتنصف لها مهر المثل بالطلاق في ظاهر المذهب، وهو اختيار الخرقي. وعن أحمد: ليس لها إلا المتعة؛ لأنه نكاح خلا عن تسمية صحيحة، فأشبه نكاح المفوضة البضع. ولنا: أنها لم ترض بغير صداق، ولم يرض أبوها، فلم تجب المتعة، كالتي سمي لها، بخلاف الراضية بغير صداق.
فصل:
وللأب تزويج ابنته بغير صداق مثلها، صغيرة كانت أو كبيرة، بكرا أو ثيبا؛ لأن «عمر خطب الناس فقال: ألا لا تغالوا في صدق النساء، فما أصدق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحدا من نسائه أو بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية» ، وظاهره صحة تسمية من زوج بمثل ذلك، وإن نقص عن مهر المثل، وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين وهو سيد قرشي؛ ولأنه غير متهم في حقها، فلا يمنع من تحصيل المقصود والحظ لابنته بتفويت غير المقصود، وليس لغيره نقصها عن مهر نسائها إلا بإذنها؛ لأنه متهم. فإن زوج بغير صداق، لم يكن تفويضا صحيحا؛ لأنه أسقط ما ليس له التصرف فيه، ويجب مهر المثل، وإن فعله الأب، كان تفويضا صحيحا.
فصل:
وللأب أن يشترط لنفسه شيئا من صداق ابنته؛ لأن الله تعالى أخبر أن شعيبا زوج