فصل:

وإن تزوج أمة على أنها حرة، أو يظنها حرة، وهو ممن لا يحل نكاح الإماء، فالنكاح فاسد، وعليه فراقها متى علم، وحكمه حكم الأنكحة الفاسدة في المهر وغيره. وإن كان ممن تحل له الإماء، فالنكاح صحيح؛ لأن فوات صفة في المعقود عليه لا تفسد العقد، كما لو تزوجها على أنها بيضاء فبانت سوداء. وفي الموضعين متى أصابها فولدت منه فالولد حر، حراً كان الزوج أو عبداً؛ لأنه اعتقد حريتها، وعليه فداء أولاده؛ لأن عمر وعلياً وابن عباس قضوا بذلك. وعنه: ليس عليه فداؤهم؛ لأن الولد ينعقد حراً، فلم يضمنه لسيدها؛ لأنه لم يملكه. وعنه: يقال للزوج افتد ولدك وإلا فهم يتبعون الأم. والمذهب الأول. وله فسخ نكاحها إن أحب؛ لأنه غرور بالحرية، أشبه غرور المرأة. فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر عليه؛ لأن الفسخ لسبب من جهتها. وإن فارقها بعد الدخول فعليه المهر بما أصاب منها، ويرجع بما غرمه من المهر، وفداء الأولاد في الموضعين على من غره، نص عليه أحمد. وذكره الخرقي؛ لأن الصحابة الذين ذكرناهم قضوا به. وعن أحمد: لا يرجع بالمهر، وهو اختيار أبي بكر؛ لأنه يروى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ ولأنه وجب في مقابلة نفع وصل إليه. وظاهر المذهب الأول؛ لأن العاقد ضمن له سلامة الوطء، كما ضمن له سلامة الولد، فوجب أن يرجع به كقيمة الولد.

فصل:

ويفدي الأولاد بقيمتهم يوم الولادة؛ لأنه يروى عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ ولأنه محكوم بحريتهم يوم وضعهم، فاعتبر فداؤهم يومئذ. وتجب القيمة؛ لأنه ضمان وجب لفوات حرية، فأشبه ضمان حصة شريكه إذا سرى العتق إليه. وعنه: يفديهم بعبيد مثلهم؛ لأنه يروى عن عمر أنه قضى بفداء ولده بغرة غرة، مكان كل غلام غلام، ومكان كل جارية جارية؛ ولأن الولد حر فلا يضمن بقيمته، كسائر الأحرار. وعنه: أنه مخير بين فدائهم بمثلهم وقيمتهم؛ لأن الأمرين يرويان جميعاً عن عمر. فإن فداهم بمثلهم وجب مثلهم في القيمة. اختاره أبو بكر؛ لأن الحق ينجبر بذلك، ويحتمل أن ينظر إلى صفاتها تقريباً؛ لأن الآدمي ليس من ذوات الأمثال، ولا يفدى منهم إلا من ولد حياً في وقت يعيش مثله، سواء عاش أو مات بعد ذلك؛ لأن غير ذلك لا قيمة له.

فصل:

وإن كان المغرور عبداً فولده أحرار؛ لأنه وطئها يعتقد حريتها فكان ولده حراً، كولد الحر. وعليه فداؤهم؛ لأنه فوت رقهم. وهل يتعلق فداؤهم برقبته، أو بذمته؟ على وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015