ويحرم التصريح؛ لأن تخصيص التعريض بالإباحة دليل على تحريم التصريح، ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح، فلا يأمن أن يحملها الحرص عليه على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها، بخلاف التعريض. فأما البائن بخلع، فلزوجها التصريح بخطبتها والتعريض؛ لأنه يحل له نكاحها في عدتها، إذ لا يصان ماؤه عن مائه، ولا يخشى اختلاط نسبه بنسب غيره. وهل يحل لغيره التعريض بخطبتها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يحل؛ لأن الزوج يملك استباحتها في عدتها فأشبهت الرجعية.
والثاني: يحل؛ لأنها بائن أشبهت المطلقة ثلاثاً. والمرأة كالرجل فيما يحل لها من الجواب ويحرم. والتصريح أن يقول: زوجيني نفسك إذا انقضت عدتك ونحوه، والتعريض أن يقول: إني في مثلك لراغب، ولا تسبقيني بنفسك، وما أحوجني إلى مثلك ونحوه. وتجيبه: ما يرغب عنك. وإن قضي شيء كان ونحوه.
فصل:
ومن خطب امرأة فأجيب حرم على غيره خطبتها إلا أن يأذن، أو يترك، لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك» متفق عليه. وفي حديث: «أو يأذن له فيخطب» ولأن في ذلك إفساداً على أخيه، وإيقاعاً للعداوة بينهما فحرم، كبيعه على بيعه. وإن لم يسكن إليه، فلغيره خطبتها، لما روت «فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت: أن معاوية وأبا جهم خطباها، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة» متفق عليه. فخطبها بعد خطبتها. وإن لم يعلم هل أجابت أم لا؟ ففيه وجهان: