الأمة المسلمة؛ لأنه لا يخشى العنت، ولأنه أمكنه صيانة ولده عن الرق فحرم عليه إرقاقه، كما لو قدر على نكاح مؤمنة. وإن تزوج أمة تحل له، ثم وجد الطول ففيه وجهان:
أحدهما: نكاحه باق، اختاره الخرقي؛ لأن زوال الشرط بعد العقد لا يبطله، كما لو أمن العنت.
والثاني: يبطل؛ لأنه أبيح للضرورة فزال بزوالها، كأكل الميتة. وإن تزوج حرة على أمة فهل يبطل نكاح الأمة؟ على روايتين كذلك، فإن تزوج حرة تعفه وأمة في عقد واحد فسد نكاح الأمة، لعدم شرطه، وهو عدم طول الحرة. وفي نكاح الحرة روايتان.
أصلهما تفريق الصفقة. وكذلك الحكم في كل عقد جمع فيه بين محللة ومحرمة، كأجنبية وأخته من الرضاع. فإن كانت الحرة لا تعفه، ولم يتمكن من نكاحها حرة تعفه ففي نكاح الأمة روايتان:
إحداهما: لا يصح؛ لأنه واجد الطول حرة.
والثانية: يصح؛ لأنه خائف العنت، عادم لطول حرة تعفه، فحلت له الأمة، كالعاجز عن نكاح حرة. فعلى هذا يصح العقد فيهما جميعاً، وكذلك الحكم إن كانت تحته حرة لا تعفه، فيتزوج عليها أمة، أو كان تحته أمة لا تعفه فيتزوج عليها ثانية، ففيها روايتان.
قال الخرقي: وله أن ينكح من الإماء أربعاً إذا كان الشرطان فيه قائمين. ووجه الروايتين ما تقدم. وإن تزوج أمتين في عقد وإحداهما تعفه بطل فيهما؛ لأن إحداهما ليست بأولى من الأخرى، فبطل فيهما، كما لو جمع بين أختين.
فصل:
الضرب الثاني: أنه لا يحل للعبد نكاح سيدته؛ لأن أحكام الملك والنكاح تتناقض، إذا ملكها إياه يقتضي وجوب نفقته عليها، وسفره بسفرها، وطاعته إياها. ونكاحه إياها يوجب عكس ذلك، فيتنافيان. ولا يصح أن يتزوج الحر أمته؛ لأن النكاح يوجب للمرأة حقوقاً يمنعها ملك اليمين من القسم والمبيت فبطل. فإن ملكت المرأة زوجها، أو جزءاً منه، أو ملك الرجل زوجته أو جزءاً منها انفسخ النكاح، لما ذكرنا، ويحرم على الأب نكاح جارية ابنه؛ لأن له فيها شبهة يسقط الحد بوطئها، فلم يحل له نكاحها، كالمشتركة بينه وبين غيره. وللابن أن يتزوج أمة أبيه، لعدم ذلك فيه. وإن تزوج جارية ثم ملكها ابنه، ففيه وجهان: