وليس للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين، لما روي عن الحكم بن عيينة أنه قال: أجمع أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أن العبد لا ينكح إلا اثنتين. وروى الإمام أحمد أن عمر سأل الناس عن ذلك، فقال: عبد الرحمن بن عوف: لا يتزوج إلا اثنتين. وهذا كان بمحضر من الصحابة فلم ينكر، فكان إجماعاً. والحكم فيمن تزوج خمساً، أو نكح خامسة في عدة الرابعة، ونحو ذلك من الفروع، كالحكم في الجامع بين أختين على ما مضى فيه.
فصل:
ويباح التسري من الإماء من غير حصر، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] ولأن القسم بينهن غير واجب، فلم ينحصرن في عدد. وللعبد أن يتسرى بإذن سيده، نص عليه أحمد؛ لأن ذلك قول ابن عمر، وابن عباس، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، ولأن العبد يملك في النكاح، فملك التسري كالحر. وإنما يملك التسري إذا ملكه سيده وأذن له في التسري. قال القاضي: يجب أن يكون تسري العبد مبنياً على الروايتين من ثبوت الملك له بتمليك سيده؛ لأن الوطء لا يباح إلا بنكاح، أو ملك يمين. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] والمكاتب كالقن سواء؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم. فأما من بعضه حر، فإن ملك بجزئه الحر جارية فملكه تام، وله الوطء بغير إذن السيد، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] ولأن ملكه عليها تام. فأما تزويجه، فإنه يلزمه حقوق تتعلق بجميعه، فاعتبر رضى السيد به، ليكون راضياً بتعلق الحق بملكه. وإن تسرى العبد بإذن سيده ثم رجع لم يكن له الرجوع نص عليه؛ لأنه يملك به البضع فلم يملك فسخه، كالنكاح. وقال القاضي: ويحتمل أنه أراد التزويج. وله الرجوع في التسري؛ لأنه رجوع فيما ملكه لعبده، فأشبه سائر المال.
فصل:
النوع الخامس: المحرمات لاختلاف الدين، فلا يحل لمسلم نكاح كافرة غير كتابية، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] . ولا يحل نكاح مرتدة وإن تدينت بدين أهل الكتاب؛ لأنها لا تقر على دينها، ولا مجوسية. لأنه لم يثبت لهم كتاب، ولا كتابية، أحد أبويها غير كتابي،