يفضي إلى قطيعة الرحم المحرم، لما بين الزوجات من التغاير، والتنافر، والقريبة والبعيدة سواء في التحريم، لتناول اللفظ لهما، ولأن المحرمية ثابتة بينهما مع البعد، فكذلك تحريم الجمع. فإن تزوج أختين في عقد واحد بطل فيهما؛ لأن إحداهما ليست أولى بالبطلان من الأخرى فبطل فيهما، كما لو باع درهماً بدرهمين. وإن تزوج امرأة وابنتها في عقد واحد ففيها وجهان:
أحدهما: يبطل فيهما كالأختين.
والثاني: يبطل في الأم وحدها؛ لأنها تحرم بمجرد العقد على ابنتها، والبنت لا تحرم بمجرد العقد، فكانت الأم أولى بالبطلان، فاختصت به، وإن تزوجت امرأة، ثم تزوج عليها من يحرم الجمع بينهما لم يصح نكاح الثانية وحدها؛ لأنها اختصت بالجمع.
فصل:
وإن تزوج امرأة، ثم طلقها لم تحل له أختها، ولا عمتها ولا خالتها حتى تنقضي عدتها، رجعية كانت أو بائنة، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين» ولأنها محبوسة على النكاح لحقه، فأشبهت الرجعية. ولو قال: أخبرتني بانقضاء عدتها فكذبته لم يقبل قوله في إسقاط نفقتها وسكناها، ويقبل في سقوط رجعتها؛ لأنه يقر بسقوط حقه. وفي جواز نكاح أختها؛ لأنه حق لله تعالى، وهو مقلد فيه. ولو أسلم زوج المجوسية، أو الوثنية لم يحل له نكاح أختها حتى تنقضي عدتها. وإن أسلمت زوجته دونه فنكح أختها، ثم أسلما في عدة الأولى اختار منهما واحدة، كما لو تزوجهما معاً. وإن أسلما بعد عدة الأولى بانت منه، والثانية زوجته.
فصل:
وإن ملك أختين جاز؛ لأن الملك لا يختص مقصوده بالاستمتاع، ولذلك جاز أن يملك من لا يحل له، كالمجوسية، وأخته من الرضاع. وله وطء إحداهما، أيتهما شاء؛ لأن الأخرى لم تصر فراشاً، فلم يكن جامع بينهما في الفراش، فإذا وطئها حرمت أختها. حتى تحرم الموطوءة بإخراج عن ملكه أو تزويج أو يعلم أنها ليست حاملاً، لئلا يكون جامعاً بينهما في الفراش، أو يكون جامعاً ماءه في رحم أختين. فإن عزلها عن فراشه واستبرأها لم تحل له أختها؛ لأنه لا يؤمن عوده إليها، فيكون جامعاً