السادس: العدالة للخبر، وعنه: ينعقد بحضور فاسقين؛ لأنه تحمل فلم تعتبر فيه العدالة كسائر التحملات. والأول أولى للخبر، ولأن من لا يثبت النكاح بقوله لا ينعقد بشهادته، كالصبي إلا أننا لا نعتبر العدالة باطناً. ويكفي أن يكون مستور الحال. وكذلك العدالة المشروطة في الولي؛ لأن النكاح يقع بين عامة الناس في مواضع لا تعرف فيها حقيقة العدالة، فاعتبار ذلك يشق.
السابع: الذكورية. وعنه: ينعقد بشهادة رجل وامرأتين؛ لأنه عقد معاوضة أشبه البيع. والأول: المذهب، لما روى أبو عبيد في " الأموال " عن الزهري أنه قال: مضت السنة أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في النكاح، ولا في الطلاق. وهل يشترط عدم العداوة والولادة؟ وهو أن لا يكون الشاهدان عدوين للزوجين، أو لأحدهما، ولا ابنين لهما، أو لأحدهما على وجهين. ولا تشترط الحرية، ولا البصر؛ لأنها شهادة لا توجب حداً، فقبلت شهادتهما فيه، كالشهادة عليه بالاستفاضة. ويعتبر أن يعرف الضرير المتعاقدين، ليشهد عليهما بقولهما. وهل يشترط كون الشاهد من غير أهل الصنائع الرزية، كالحجام ونحوه؟ على وجهين بناء على قبول شهادتهم.
فصل:
الشرط الثالث من شروط النكاح: تعيين الزوجين؛ لأن المقصود بالنكاح أعيانهما، فوجب تعيينهما. فإن كانت حاضرة فقال: زوجتك هذه صح؛ لأن الإشارة تكفي في التعيين. فإن زاد على ذلك فقال: ابنتي أو فاطمة كان تأكيداً. وإن سماها بغير اسمها صح؛ لأن الاسم لا حكم له مع الإشارة، فأشبه ما لو قال: زوجتك هذه الطويلة وهي قصيرة. وإن كانت غائبة، فقال: زوجتك ابنتي وليس له غيرها صح لحصول التعيين بتفردها بهذه الصفة المذكورة. وإن سماها باسمها، أو وصفها بصفتها كان تأكيداً. وإن سماها بغير اسمها صح أيضاً؛ لأن الاسم لا حكم له مع التعيين، فلا يؤثر الغلط فيه. وإن كان له ابنتان فقال: زوجتك ابنتي لم يصح حتى يسميها، أو يصفها بما تتميز به؛ لأن التعيين لا يحصل بدونه. فإن قال: ابنتي فاطمة، أو ابنتي الكبرى صح؛ لأنها تعينت به. وإن نويا ذلك من غير لفظ لم يصح؛ لأن الشهادة في النكاح شرط، ولا يقع إلا على اللفظ ولا تعيين فيه. وإن خطب الرجل امرأة فزوج غيرها لم ينعقد النكاح؛ لأنه ينوي القبول لغير ما وقع فيه الإيجاب فلم يصح، كما لو قال: قد زوجتك ابنتي فاطمة. فقال: قبلت تزويج عائشة، فإن كان له ابنتان كبرى اسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة، فقال: قبلت تزويج عائشة، فقبله الزوج ينويان الصغرى لم يصح؛ لأنهما لم يتلفظا بما تقع الشهادة عليه، ولم يذكر المنوية بما تتميز به. وإن نوى أحدهما الكبرى، والآخر الصغرى لم يصح؛ لأنه قبل النكاح في غير من وقع عليه