ابنته وهو أعمى لموسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولأن الأعمى من أهل الرواية والشهادة، فكان من أهل الولاية كالبصير. فأما الأخرس، فإن منع فهم الإشارة أزال الولاية، وإن لم يمنعها لم يزل الولاية؛ لأن الأخرس يصح تزوجه، فصح تزويجه كالناطق.

فصل:

وإذا زوج الأبعد مع حضور الأقرب وسلامته من الموانع، أو زوج أجنبي، أو زوجت المرأة المعتبر إذنها بغير إذنها، أو تزوج العبد بغير إذن سيده، فالنكاح باطل في أصح الروايتين، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فهو عاهر» وفي لفظ: «فنكاحه باطل» ولأنه نكاح لم تثبت أحكامه من الطلاق، والخلع، والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة. والثانية: هو موقوف على إجازة من له الإذن. فإن أجازه جاز، وإلا بطل لما ذكرناه في تصرف الفضولي في البيع، ولما روى ابن ماجه: «أن جارية بكراً أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رواه أبو داود. وقال: هذا حديث مرسل، رواه الناس عن عكرمة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يذكروا ابن عباس. فإن قلنا بهذه الرواية فإن الشهادة تعتبر حالة العقد؛ لأنها شرط له فتعتبر معه كالقبول. ويكفي في إذن المرأة النطق، أو ما يدل على الرضى تقوم مقام النطق به، بدليل «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبريرة: إن وطئك زوجك فلا خيار لك» فأما إن زوجت المرأة نفسها، أو زوجها طفل، أو مجنون، أو فاسق، فهو باطل لا يقف على الإجازة؛ لأنه تصرف صادر من غير أهله. وذكر أصحابنا: تزويجها لنفسها من جملة الصور المختلفة في وقوفها. والأولى أنها ليست منها، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما امرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها، فنكاحها باطل» ولأنه تصرف لو قارنه الإذن لم يصح، فلم يصح بالإذن اللاحق، كتصرف المجنون.

فصل:

ولكل واحد من الأولياء أن يوكل في تزويج موليته، فيقوم وكيله مقامه حاضراً كان الموكل أو غائباً، ولا يعتبر إذن المرأة في التوكيل. وخرج القاضي ذلك على الروايتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015