فصل:
فإن استوى اثنان في الدرجة، وأحدهما من أبوين، والآخر من أب، كالأخوين، والعمين ففيه روايتان:
إحداهما: يقدم ذو الأبوين. اختاره أبو بكر؛ لأنه حق يستفاد بالتعصيب فأشبه الميراث بالولاء.
والثانية: هما سواء. اختارها الخرقي؛ لأن الولاية بقرابة الأب وهما سواء فيها، فإن كانا ابني عم، أحدهما أخ لأم، فذكر القاضي: أنهما كذلك. والصحيح أن الإخوة لا تؤثر في التقديم، لاستوائهما في التعصيب والإرث به، بخلاف التي قبلها من كل وجه، فإن استويا من كل وجه، فالولاية ثابتة لكل واحد منهما، أيهما زوج صح تزويجه؛ لأن السبب متحقق في كل واحدة، لكن يستحب تقديم أسنهما وأعلمهما وأتقاهما؛ لأنه أحوط للعقد في اجتماع شروطه والنظر في الحظ. فإن استويا وتشاحا، أقرع بينهما؛ لأنهما تساويا في الحق، وتعذر الجمع، فيقرع بينهما، كالمرأتين في السفر. فإن قرع أحدهما فزوج الآخر صح؛ لأن القرعة لم تبطل ولايته، فلم يبطل نكاحه. وذكر أبو الخطاب فيه وجهاً آخر: أنه لا يصح.
فصل:
فإن زوجها الوليان لرجلين دفعة واحدة، فهما باطلان؛ لأن الجمع يتعذر فبطلا، كالعقد على أختين، ولا حاجة إلى فسخهما لبطلانهما. وإن سبق أحدهما فالصحيح السابق، لما روى سمرة وعقبة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما» رواه أبو داود؛ ولأن الأول: خلا عن مبطل والثاني: تزوج زوجة غيره، فكان باطلاً، كما لو علم. فإن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج، فعليه مهرها؛ لأنه وطء بشبهة، وترد إلى الأول؛ لأنها زوجته، ولا يحل له وطؤها حتى تقضي عدتها من وطء الثاني، فإن جهل الأول منهما ففيه روايتان:
إحداهما: يفسخ النكاحان؛ لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون نكاحه هو الصحيح، ولا سبيل إلى الجمع، ولا إلى معرفة الزوج فيفسخ لإزالة الزوجية، ثم لها أن تتزوج من شاءت منهما، أو من غيرهما.
والثانية: يقرع بينهما. فمن خرجت له القرعة أمر صاحبه بالطلاق ثم يجدد القارع