لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة فإنه عورة» رواه أبو داود.
فصل:
فأما الرجل مع الرجل فلكل واحد منهما النظر من صاحبه إلى ما ليس بعورة؛ لأن تخصيص العورة بالنهي دليل على إباحة النظر إلى غيرها.
ويكره النظر إلى الغلام الجميل؛ لأنه لا يأمن الفتنة بالنظر إليه، والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل، والمسلمة مع الكافرة كالمسلمتين، كما أن المسلم مع الكافر كالمسلمين. وعنه: إن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية، ولا تدخل معها الحمام؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] فتخصيصهن بالذكر يدل على اختصاصهن بذلك.
فصل:
وفي نظر المرأة إلى الرجل روايتان:
إحداهما: يحرم عليها من ذلك ما يحرم عليه، لما روت أم سلمة قالت: «كنت قاعدة عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا وحفصة، فاستأذن ابن أم مكتوم. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احتجبن منه فقلت: يا رسول لله، ضرير لا يبصر. فقال: أفعمياوان أنتما، ألا تبصرانه» أخرجه أبو داود وقال النسائي: حديث صحيح.
والثانية: يجوز لها النظر منه إلى ما ليس بعورة، لما روت فاطمة بنت قيس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لها: «اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك فلا يراك» وقالت عائشة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد» . متفق عليهما، وهذا أصح. وحديث أم سلمة يحتمل أنه خاص