فصل:
وله أن ينظر من ذوات محارمه، إلى ما يظهر غالباً، كالرأس، والرقبة، والكفين والقدمين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] وقال تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} [الأحزاب: 55] . وذات المحرم: من تحرم عليه على التأبيد، بنسب أو سبب مباح، كأم الزوجة وابنتها، فأما أم المزني بها والموطوءة بشبهة، وبنتها فلا يباح النظر إليها؛ لأنها حرمت بسبب غير مباح، فلا تلحق بذوات الأنساب. وأما عبد المرأة فليس بمحرم لها؛ لأنها لا تحرم عليه على التأبيد، لكن يباح له النظر إلى ما يظهر منها غالباً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36] وروت أم سلمة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا كان لإحداكن مكاتب، فملك ما يؤدي فلتحتجب منه» رواه الترمذي. وقال: حديث صحيح. وفيه دلالة على أنها لا تحتجب منه قبل ذلك؛ ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لحاجتها لخدمته، فأشبه ذا المحرم.
فصل:
ومن لا تمييز له من الأطفال لا يجب التستر منه في شيء، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] .
وفي المميز روايتان:
إحداهما: هو كالبالغ لهذه الآية. والثانية: هو كذي المحرم لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: 58] إلى قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: 58] ثم قال: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] ففرق بينه وبين البالغ. وحكم الطفلة التي لا تصلح للنكاح مع الرجال حكم الطفل من النساء، والتي صلحت للنكاح، كالمميز من الأطفال، لما روى أبو بكر بإسناده: «أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثياب رقاق، فأعرض