وتنفسخ بموت السيد، وجنونه، والحجر عليه لسفه، لأنه عقد غير لازم فأشبه الوكالة، وقال أبو بكر: لا تنفسخ بذلك، ولا تبطل بجنون العبد، لأنه لازم من جهته، فأشبه العتق المعلق بالصفة. وإن أدى ما كوتب عليه عتق، لأن الكتابة جمعت معاوضة وصفة، فإذا بطلت المعاوضة، بقيت الصفة، فعتق بها. وإن أدى إلى غير كاتبه، أو أبرأه السيد مما عليه، لم يعتق، لأن الصفة لم توجد. وقال أبو بكر: يعتق بالأداء إلى الوارث، لأنه قام مقام المورث. وإذا عتق فله ما فضل في يده من الكسب. ويتبع الجارية ولدها، لأنها أجريت مجرى الصحيحة في العتق، فتجري مجراها فيما ذكرنا. وفيه وجه آخر: لا يتبعها ولدها ولا فضلة كسبها، لأن عتقها بالصفة دون الكتابة. ولا يرجع السيد على العبد بشيء، لأنها إما عتق بصفة، وإما مجراه مجرى الكتابة الصحيحة، وكلاهما لا يثبت فيه التراجع.
تصح كتابة بعض العبد، لأنه عقد معاوضة على نصيب المكاتب، فصح كبيعه. وإذا كاتبه وكان باقيه حراً فأدى، كملت له الحرية. وإن كان باقيه قناً، لم تسر الكتابة إليه، لأنه عقد معاوضة، فأشبه البيع، ويصير شريكاً لمالك باقيه في نفسه. فإذا أدى ما كوتب عليه ومثله لمالك باقيه، عتق وسرى العتق إلى سائره إن كان جميعه للمكاتب، وإن كان لغيره والمكاتب موسر، عتق جميعه، وإن كان معسراً، لم يعتق إلا ما كاتبه كالإعتاق المنجز. وإذا أذن له شريك المكاتب في الأداء من جميع كسبه، عتق بأدائه، كما لو أدى إليها. وإن كان باقيه مكاتباً، أو كاتب السيدين معاً، جاز، سواء اتفق العوضان أو اختلفا، لأنه عقد معاوضة فأشبه البيع. ولا يملك أن يؤدي إلى أحدهما أكثر مما يؤدي إلى صاحبه، لأنهما سواء في كسبه، إلا أن يأذن أحدهما في تعجيل حق الآخر فيجوز. وذكر أبو بكر وجهاً آخر: أنه لا يجوز تخصيص أحدهما بالأداء وإن أذن الآخر فيه، لأن حقه في ذمته لا فيما في يده، فلم ينفع إذنه فيه، والأول أصح، لأن المنع لحقه، فجاز بإذنه. فإن أدى إليهما في حال واحدة، عتق عليهما وولاؤه لهما. وإن أدى أحدهما قبل الآخر بإذنه، أو لكون نصيب المؤدى إليه من العوض أقل، عتق نصيبه وسرى إلى نصيب الآخر إن كان موسراً في قول الخرقي، لأنه أعتق شركاً له في عبد، وهو موسر، فعتق عليه كله، لحديث ابن عمر. وقال أبو بكر: لا يسري في الحال، لأن في سرايته إبطال نصيب صاحبه من الولاء الذي انعقد سببه، وهكذا الخلاف فيما إذا عتق أحدهما نصيبه بالمباشرة، وفيما إذا كان نصفه قناً فأعتقه صاحب القن.