فإن لم يكن ذا كسب، فنفقته على سيده، كأم الولد إذا أسلمت. وإن دبر المرتد عبده، كان تدبيره موقوفاً، كسائر تصرفاته، فإن أسلم، تبينا صحة تدبيره. وإن مات على الردة، تبينا بطلانه.
وعنه: أن ملكه يزول بنفس الردة، فيكون تدبيره باطلاً، وهذا قول أبي بكر. وإن ارتد بعد التدبير وقتل بردته، أو مات، بطل التدبير، لأن ملكه زال في حياته. وإن رجع صح تدبيره، لأنا تبينا بقاء ملكه، أو رجوعه إليه بإسلامه بعد زواله.
فصل
فإذا ادعى العبد أن سيده دبره، فأنكر، فالقول قول السيد مع يمينه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه مسلم، والبخاري بمعناه. فإن أقام العبد بينة، ثبت تدبيره. وهل يكفي شاهد ويمين، أو رجل وامرأتان، أم لا يكفي إلا رجلان؟ على روايتين، كما ذكرنا في العتق، ويتخرج أن لا تسمع دعوى العبد بناء على أن السيد له الرجوع في التدبير. وهل يكون إنكار التدبير رجوعاً عنه؟ على وجهين، بناء على الوصية.
فصل
وإن قتل المدبر سيده، بطل تدبيره، لأنه استحقاق علق بالموت من غير فعل، فأبطله القتل، كالإرث والوصية.
وهو مندوب إليها في حق من يعلم فيه خيراً، لقول الله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] يعني: كسباً وأمانة، في قول أهل التفسير.
وعنه: رواية أخرى أنها واجبة، إذا دعا العبد الذي فيه خير سيده إليها، لظاهر الآية، ولأن عمر أجبر أنساً على كتابة سيرين، والأول ظاهر المذهب، لأنه إعتاق بعوض، فلم يجب كالاستسعاء، والآية محمولة على الندب، وقول عمر يخالفه فعل أنس، فأما من لا كسب له، ففيه روايتان:
إحداهما: تكره كتابته، لأنه يصير كلاً على الناس.
والثانية: لا تكره، لعموم الأخبار في فضل الإعتاق. وإذا دعا هذا سيده إلى