الولي قبول الهبة والوصية، لأن فيه نفعاً للصبي، وجمالاً بحرية قريبه من غير ضرر. وإن كان بحيث تلزمه نفقته، لم يكن له قبوله، لأن فيه ضرراً بإلزامه نفقته. وإن وهب له جزء ممن يعتق عليه، وكان ممن لا تجب نفقته، ففيه وجهان مبنيان على أنه: هل يقوم على الصبي باقيه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يقوم عليه باقيه، لأنه يدخل في ملكه بغير سبب من جهته، أشبه الإرث، فعلى هذا يلزم وليه قبوله، لما فيه من النفع الخالي على الضرر.
والثاني: يقوم عليه، لأن قبول وليه يقوم مقام قبوله، كما لو قبل وكيل البالغ، فعلى هذا لا يملك قبوله. فإن قبل في موضع لا يملك القبول، لم يصح، ولا يملك الولي شراء من يعتق على الصبي، لأنه إذا لم يملك قبول الهبة التي لا عوض فيها، فالبيع أولى.
فصل:
وإذا أعتق في مرضه عبيداً لا مال له غيرهم، أو دبرهم، أو أوصى بعتقهم، أو دبر أحدهم وأوصى بعتق الباقين، لم يعتق منهم إلا الثلث، إلا أن يجيز الورثة، فيقرع بينهم بسهم حرية، وسهمي رق، فمن خرج له سهم حرية، عتق ورق الباقون، لما روى عمران بن حصين: «أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة مملوكين في مرضه لا مال له غيرهم، فجزأهم رسول الله ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأرق أربعة» . أخرجه مسلم.
وإن كان عليه دين يستغرقهم، لم يعتق منهم شيء، لأن عتقهم وصية، وقد «قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن الدين قبل الوصية» . وإن كان يستغرق بعضهم، عتق من باقيهم ثلثه، فيقرع بينهم لإخراج الدين، ثم يقرع بينهم لإخراج الحرية، فإن كان الدين يستغرق نصفهم، جزأناهم جزأين، وأقرعنا بينهم بسهم دين، وسهم تركة، فمن خرج له سهم الدين، بيع فيه، ثم يقرع بين الباقين بسهم حرية، وسهمي رق كما ذكرنا.
فصل:
ولو أعتقهم وثلثه يحتملهم، فأعتقناهم، ثم ظهر عليه دين يستغرقهم، بعناهم فيه، لما ذكرنا. فإن قال الورثة: نحن نقضي الدين ونجيز العتق، احتمل أن لهم ذلك، لأن المانع إنما هو الدين، فإذا قضي زال المانع، فثبت العتق، واحتمل أنه ليس لهم ذلك، لأن الغرماء تتعلق حقوقهم بالتركة، فلم يملك الورثة إبطالها بالقول، لكن إذا قضوا الدين فلهم استئناف العتق. وإن أعتقنا بعضهم بالقرعة، ثم ظهر عليه دين يستغرق بعضهم، احتمل أن يبطل العتق في الجميع، كما لو اقتسم الشركاء، ثم ظهر لهم شريك ثالث، واحتمل أن يبطل بقدر الدين، لأن بطلانه لأجل الدين، فيقدر بقدره، ولو