ومن أعتق مملوكاً، ثبت عليه الولاء، لما روت عائشة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه. فإن عتق عليه بتدبير أو كتابة أو استيلاد أو قرابة، أو بيعه عبده نفسه، أو أعتقه عنه غيره بإذنه، فله عليه الولاء، لأنه عتق عليه، فأشبه ما لو باشر عتقه. وسواء أدى المكاتب إلى السيد، أو إلى ورثته، لأن عتقه بكتابته وهي من سيده. فأما إن أعتق عبده عن ميت، أو حي بغير أمره، فالولاء للمعتق، للخبر، ولأنه أعتقه بغير إذن الآخر، فكان ولاؤه للمعتق، كما لو لم ينو، ولو قال: أعتق عبدك عني وعلي ثمنه، ففعل، فالولاء للمعتق عنه، لأنه نائب عنه في العتق فهو كالوكيل. ولو قال: أعتقه والثمن علي، ففعل، فالولاء للمعتق، لأنه لم يعتقه من غيره، فأشبه ما لو لم يجعل له جعلاً. وإن قال: اعتقه عني، ولم يذكر عوضاً، ففيه روايتان:
إحداهما: ولاؤه للمعتق، للخبر.
والثانية: للمعتق عليه، لأنه أعتقه عنه بأمره، فأشبه ما لو كان بعوض.
فصل:
ومن أعتق عبده سائبة، أو قال: أعتقتك ولا ولاء لي عليك، أو أعتقه من زكاته، أو كفارته، أو نذره، ففيه روايتان:
إحداهما: له عليه الولاء، لعموم الخبر.
والثانية: لا ولاء عليه، لأنه جعل ولاءه من السائبة، فصح، كرقه. وفي سائر الصور، العتق بمال لا يستحقه، فلم يكن له ولاء كالوكيل. فعلى هذه الرواية، ما رجع من ولائهم، يرد في مثلهم، ويكون حكم ولائهم كحكم ولاء الأولين.
فصل:
وإن أعتق مسلم كافراً، أو كافر مسلماً، ثبت له الولاء، للخبر. وهل يرث به؟ فيه روايتان ذكرناهما، فإن قلنا: لا يرث وكان للمعتق عصبة على دين المعتق، ورثه، لأنه يرثه لو كان المعتق ميتاً. وكذلك إذا كان ممنوعاً من ميراثه. وإن أسلم الكافر منهما،