طلقها في مرضه وهي أمة، أو كافرة، فأسلمت أو عتقت، لم ترث، لأنه لا يتهم في طلاقها. وإن أبانها في مرض موته على غير ذلك، لم يرثها، وورثته ما دامت في العدة، لما روي أن عثمان ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرض موته فبتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر، فكان إجماعاً، ولأنه قصد قصداً فاسداً في الميراث، فعورض بنقيض قصده، كالقاتل. وهل ترثه بعد انقضاء العدة؟ فيه روايتان:
إحداهما: ترثه، لأن عثمان ورث امرأة من عبد الرحمن بعد انقضاء العدة، ولأنه فار من ميراثها فورثته، كالمعتدة.
والثانية: لا ترثه، لأن آثار النكاح زالت بالكلية، فلم ترثه، كما لو تزوجت، ولأن ذلك يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة، بأن يتزوج أربعاً بعد انقضاء عدة المطلقة، وذلك غير جائز، وإن تزوجت لم ترثه، لأنها فعلت باختيارها فعلاً ينافي زوجية الأول فلم ترثه، كما لو تسببت في فسخ النكاح، وهكذا لو ارتدت في عدتها، أو فعلت ما ينافي نكاح الأول، لم ترثه، وإن ارتدت ثم أسلمت في عدتها، ففيه وجهان:
أحدهما: ترثه، لأنها مطلقة في المرض، أشبه ما لو لم ترتد.
والثاني: لا ترثه لأنها فعلت ما ينافي النكاح، أشبه ما لو تزوجت.
فصل:
وإن طلق امرأة قبل الدخول فهل ترثه؟ فيه روايتان كالتي انقضت عدتها، ولو قال لزوجته في صحته: إذا مرضت فأنت طالق، فحكم طلاقه حكم طلاق المريض. وإن أقر في مرضه بطلاقها في صحته، فحكمه حكم طلاقها في مرضه، وإن علق طلاقها على فعل لا بد لها منه، كالصلاة، ففعلته، فهو كالطلاق ابتداء. وإن قال لزوجته الذمية، أو الأمة وهو مريض: إذا عتقت، أو أسلمت، فأنت طالق، فعتقت الأمة، وأسلمت الذمية، فهو كطلاقه لحرة مسلمة، وإن قال السيد لأمته: أنت حرة غداً، فطلق الزوج اليوم أو غداً عالماً بعتق السيد، ورثته، لأنه متهم، وإن لم يعلم، لم ترثه، لعدم التهمة.
فصل:
ولو تسببت الزوجة في فسخ نكاحها في مرضها، برضاع أو غيره، بانت وورثها زوجها، ولم ترثه، لما ذكرنا في طلاق المرض. ولو استكره رجل امرأة أبيه في مرض أبيه على فعل ينفسخ نكاحها به، بانت، ولم يسقط ميراثها لذلك. وإن كان للمريض زوجة أخرى، سقط ميراثها، لأنه غير متهم في قصد توفير نصيبها عليه، لرجوعه إلى الزوجة الأخرى دونه.