قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً» أن الكفار يتوارثون.
والثانية: لا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى، لما روى عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» رواه أبو داود. ولأن الموالاة منقطعة بينهم، فأشبه اختلافهم بالكفر والإسلام. قال القاضي: والكفر ثلاث ملل، اليهودية ملة، والنصرانية ملة، ودين من عداهم ملة، لاجتماعهم في عدم الكتاب. قال: وقياس المذهب عندي أنه لا يرث حربي ذمياً، ولا ذمي حربياً، لأنه موالاة بينهما، واحتمل أن يتوارثا، لأنهما من أهل ملة واحدة.
فصل:
وإذا أسلم المجوس، أو تحاكموا إلينا، ورثوا لجميع قراباتهم إذا أمكن ذلك، لأنها قرابات ترث بكل واحدة منفردة ولم ترجح بها، فورث بهما إذا اجتمعا، كابن عم هو زوج، وأخ لأم. فلو تزوج مجوسي بنته، فأولدها بنتاً، ثم مات وخلف أخاً، فلابنتيه الثلثان، والباقي لأخيه. فإن ماتت بعده الكبرى، فمالها لابنتها، نصفه بكونها بنتاً، وباقيه بكونها أختاً من أب، وإن ماتت الصغرى قبل الكبرى، فللكبرى الثلث بكونها أماً، والنصف بكونها أختاً، وباقيه لعمها. فإن كان أولدها بنتين، ثم مات، ثم ماتت إحدى الصغيرتين. فلأختها لأبويها النصف، ولأمها السدس بكونها أماً، والسدس بكونها أختاً لأب، وحجبت نفسها بنفسها، والباقي لعمها، ولا يرثون بنكاح ذوات المحارم، ولا ما يقرون عليه إذا أسلموا، لذلك لم يورث بنت المجوسي الذي تزوجها منه شيئاً.
فصل:
والثاني من الموانع الرق، فلا يرث العبد قريبه، ولا يورث، لأنه لا ملك له فيورث. وإن ملك فملكه ضعيف يرجع إلى سيده ببيعه، لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع» فكذلك بموته، ولا يرث، لأنه لو ورث شيئاً، لكان لسيده، فيكون التوريث لسيده دونه.
فصل:
ومن بعضه حر، يرث ويورث، ويحجب بقدر ما فيه من الحرية، لما روى عبد الله ابن الإمام أحمد بإسناده عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في العبد يعتق بعضه: يرث ويورث على قدر ما عتق منه» ولأن هذا قول علي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فينظر ما له مع الحرية الكاملة، فيعطيه منه بقدر ما فيه من الحرية الكاملة، ويحجب به بقدر ذلك، فتقول في بنت نصفها حر، وأم حرة، وعم: للبنت الربع،