اثنين، كالوكالة، ويجوز أن يجعل التصرف إليهما جميعاً، وإلى كل واحد منهما منفرداً، لأنه تصرف مستفاد بالإذن، فجاز ذلك فيه، كالتوكيل، فإن جعل إلى كل واحد منهما، فلكل واحد أن ينفرد بالتصرف والحفظ. فإن ضعف أو فسق أو مات، فالآخر على تصرفه، ولا يقام غير الميت مقامه، لأن الموصي رضي بنظر هذا الباقي. وإن جعل التصرف إليهما جميعاً، أو أطلق الوصية إليهما، لم يجز لأحدهما الانفراد بالتصرف، لأنه لم يرض بنظره وحده. وإن فسق أحدهما، أو جن، أو مات، أقام الحاكم مكانه أميناً، لأن الموصي له لم يرض بنظر أحدهما وحده، وليس للحاكم أن يفوض الجميع إلى الباقي؛ لذلك. وإن ماتا معاً، فهل للحاكم تفويض ذلك إلى واحد؟ فيها وجهان:
أحدهما: يجوز، لأن حكم وصيتهما سقط بموتهما، فكان الأمر إلى الحاكم، كمن لم يكن له وصي.
والثاني: لا يجوز، لأن الموصي لم يرض بنظر واحد. وإن اختلف الوصيان في حفظ المال، جعل في مكان واحد تحت نظريهما، لأن الموصي لم يرض بأحدهما، فلم يجز له الانفراد به، كالتصرف. وإن أوصى إلى رجل، وبعده إلى آخر، فهما وصيان، إلا أن يقول: قد خرجت الأول، أو ما يدل على ذلك، لما ذكرنا في الوصية له.
فصل:
ويجوز أن يوصي إلى رجل، فإن مات فإلى آخر، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في جيش مؤتة: «أميركم زيد، فإن قتل فأميركم جعفر، فإن قتل، فأميركم عبد الله بن رواحة» رواه أحمد والنسائي.
والوصية في معنى التأمير. ولو قال: أنت وصيي، فإذا كبر ابني، فهو وصيي، صح، لأنه إذن في التصرف، فجاز مؤقتاً، كالتوكيل. ومن أوصي إليه في مدة، لم يكن وصياً في غيرها، لذلك. فإذا أوصى إلى رجل وجعل له أن يوصي إلى من شاء، جاز. وله أن يوصي إلى من شاء من أهل الوصية، لأنه رضي باجتهاده وولاية من ولاه. وإن نهاه عن الإيصاء، لم يكن له أن يوصي، كما لو نهى الوكيل عن التوكيل. وإن أطلق، ففيه روايتان:
إحداهما: له أن يوصي، لأنه قائم مقام الأب فملك ذلك كالأب.
والثانية: ليس له ذلك. اختاره أبو بكر وهو ظاهر كلام الخرقي، لأنه يتصرف بالتولية، فلم يكن له التفويض من غير إذن فيه، كالتوكيل.