فصل:

الشرط الخامس: الطلب بها على الفور ساعة العلم، فإن أخرها مع إمكانها سقطت الشفعة. قال أحمد: الشفعة بالمواثبة ساعة يعلم؛ لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشفعة كحل العقال» رواه ابن ماجه. ولأن إثباتها على التراخي يضر بالمشتري، لكونه لا يستقر ملكه على المبيع، ولا يتصرف فيه بعمارة، خوفًا من أخذ المبيع وضياع عمله. وقال ابن حامد: تتقدر بالمجلس وإن طال؛ لأنه كله في حكم حالة العقد، بدليل صحة العقد بوجود القبض؛ لما يشترط قبضه فيه. وعن أحمد: أنه على التراخي، ما لم توجد منه دلالة على الرضا، كقوله: بعني أو صالحني على مال أو قاسمني؛ لأنه حق لا ضرر في تأخيره، أشبه القصاص. والمذهب الأول، لكن إن أخره لعذر، مثل أن يعلم ليلًا فيؤخره إلى الصباح، أو لحاجته إلى أكل أو شرب، أو طهارة، أو إغلاق باب، أو خروج من الحمام، أو خروج لصلاة أو نحو هذا، لم تبطل شفعته؛ لأن العادة البداءة بهذه الأشياء، إلا أن يكون حاضرًا عنده فيترك المطالبة، فتبطل شفعته؛ لأنه لا ضرر عليه في الطلب بها، وإن لقيه الشفيع فبدأه بالسلام، لم تبطل شفعته؛ لأن البداءة بالسلام سنة، وكذلك إن دعا له فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك؛ لاحتمال أن يكون دعا له في صفقته؛ لأنها أوصلته إلى شفعته. وإن أخر الطلب لمرض، أو حبس، أو غيبة، لم يمكنه فيه التوكيل ولا الإشهاد، فهو على شفعته؛ لأنه تركه لعذر. وإن قدر على إشهاد من تقبل شهادته، فلم يفعل، ولم يسر في طلبها من غير عذر، بطلت شفعته؛ لأنه قد يترك الطلب زهدًا، أو للعذر، فإذا أمكنه تبيين ذلك بالإشهاد، فلم يفعل، بطلت شفعته، كترك الطلب في حضوره، وإن لم يشهد وسار عقيب علمه؛ ففيه وجهان:

أحدهما: تبطل؛ لأن السير قد يكون لطلبها أو لغيره، فوجب بيان ذلك بالإشهاد، كما لو لم يسر.

والثاني: لا تبطل؛ لأن سيره عقيب علمه ظاهر في طلبها، فاكتفي به، كالذي في البلد، وإن أشهد ثم أخر القدوم لم تبطل شفعته؛ لأن عليه في العجلة ضررًا؛ لانقطاع حوائجه. وقال القاضي: تبطل إن تركه مع الإمكان، وإن كان له عذر، فقدر التوكيل فلم يفعل، ففيه وجهان:

أحدهما: تبطل شفعته؛ لأنه تارك للطلب مع إمكانه، فأشبه الحاضر.

والثاني: لا تبطل؛ لأنه إن كان بجعل، ففيه غرم، وإن كان بغيره ففيه منة، وقد لا يثق به. وإن أخر المطالبة بعد قدومه وإشهاده، ففيه وجهان. بناء على تأخير السير لطلبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015