فصل:
فإن بلغ اللقيط فقذفه إنسان، أو جنى عليه، أو ادعى رقه، فكذّبه اللقيط، فالقول قول اللقيط؛ لأنه حر في الحكم، ويحتمل أن يقبل قول المدعي في درء حد القذف خاصة؛ لأنه مما يدرأ بالشبهات، بخلاف القصاص.
فصل:
وإن بلغ فتصرف، ثم ثبت رقه، فحكم تصرفه حكم تصرف العبيد؛ لأنه ثبت أنه مملوك، وإن أقر بالرق على نفسه بعد أن كان أقر بالحرية، لم يقبل إقراره بالرق؛ لأنه قد لزمه بالحرية أحكام من العبادات والمعاملات، فلم يملك إسقاطها، وإن لم يتقدم منه إقرار بالحرية، وكذبه المقر له، بطل إقراره؛ لأنه لا يثبت رقه لمن لا يدعيه، فإن أقر بعده لغيره قبل، كما لو أقر له بمال، ويحتمل أن لا يقبل؛ لأن في إقراره الأول اعترافًا بأنه ليس لغيره، فلم يقبل رجوعه عنه، كما لا يقبل رجوعه عن الحرية، وإن صدقه الأول، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يقبل؛ لأنه محكوم بحريته، فلا يقبل إقراره بما يبطلها، كما لو أقر بها.
والثاني: يقبل؛ لأنه مجهول الحال أقر بالرق فقبل، كما لو قدم رجلان من دار الحرب، فأقر أحدهما لصاحبه بالرق، فعلى هذا يحتمل أن يقبل إقراره في جميع أحكامه؛ لأنه معنى يثبت الرق، فأثبته في جميع أحكامه كالبينة، ويحتمل أن يقبل فيما عليه دون ما له؛ لأنه أقر بما يوجب حقًا له وعليه، فيثبت ما عليه دون ما له، كما لو قال: لفلان علي ألف على رهن لي عنده، فإن قلنا بالأول وكان قد نكح، فهو فاسد، حكمه حكم ما لو تزوج العبد أو الأمة بغير إذن سيده.
وإن تصرف بغير النكاح، فسدت عقوده كلها، وترد الأعيان إلى أربابها إن كانت باقية، وإن كانت تالفة، ثبتت قيمتها في ذمته؛ لأنها ثبتت برضا أصحابها، وإن قلنا: لا يقبل في ما له وهي أمة، فنكاحها صحيح، ولا مهر لها إن كان قبل الدخول، وإن كان بعده، فلها الأقل من المسمى، أو مهر المثل، ولزوجها الخيار بين المقام معها على أنها أمة، أو فراقها إن كانت ممن يجوز له نكاح الأمة؛ لأنه قد ثبت كونها أمة في المستقبل، وإن كان المقر ذكرًا، فسد نكاحه، لإقراره أنه عبد، نكح بغير إذن سيده، وحكمه حكم الحر في وجوب المسمى، أو نصفه إن كان قبل الدخول، ولا تبطل عقوده، وما عليه من الحقوق والأثمان، يؤدى مما في يده، وما فضل ففي ذمته، وما فضل معه فلسيده. وإن جنى جناية توجب القصاص، اقتص منه، حرًا كان المجني عليه أو عبدًا. وإن كانت خطأ تعلق أرشها برقبته؛ لأنه عبد، وإن جنى عليه حر، فلا قود؛ لأنه عبد.