أحدهما: تقدير العمل، كخياطة ثوب معين، والركوب، أو حمل شيء معلوم إلى مكان معين.
والثاني: تقدير المدة كسكنى شهر، فإن كانت المنفعة لا تتقدر بالعمل، كالتطيين والتجصيص، فإن مقداره يختلف في الغلظ والرقة، وما يروي الأرض من الماء، يختلف باختلاف الأرض واحتياجها إلى الماء، وما يشبع الصبي في الرضاع، يختلف باختلاف الصبيان، والأحوال، والسكنى ونحوها، فلا يجوز تقديره إلا بالمدة، لتعذر تقديره بالعمل، وما يتقدر بالعمل، كاستئجار الظهر للحرث والحمل والطحن والدياس، والعبد للخدمة، جاز تقديره بالعمل، فإن شرط تقديره بالعمل والمدة فقال: استأجرتك لتحرث لي هذه الأرض في شهر، لم يصح؛ لأنه إن حرثها في أقل من شهر، أو فرغ الشهر قبل حرثها، فطولب بتمام ما بقي، كان زيادة على المشروط، وإن لم يتمم، كان نقصاً، وعن أحمد ما يدل على الصحة؛ لأن الإجارة معقودة للعمل، والمدة مذكورة للتعجيل، فجاز كالجعالة، ويشترط فيما قدر بمدة، معرفة المدة؛ لأنها الضابطة للمعقود عليه، فإن قدرها بسنة أو شهر، كان ذلك بالأهلة؛ لأنها المعهودة في الشرع، فوجب حمل المطلق عليها، فإن كان ذلك في أثناء شهر، عد باقيه، ثم عد أحد عشر شهراً بالهلال، ثم كمل الأول بالعدد ثلاثين يوماً؛ لأنه تعذر إتمامه بالهلال فكمل بالعدد، وحكي فيه رواية أخرى: أنه يستوفي الجميع بالعدد؛ لأنه يجب إتمام الشهر مما يليه، فيصير ابتداء الثاني في أثنائه، وكذلك ما بعده، وإن عقد على سنة رومية، وهي: ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع، وهما يعلمان ذلك، جاز، وإن جهلاها أو أحدهما، لم يصح؛ لأن المدة مجهولة عنده، والحكم في مدة الإجارة، كالحكم في مدة السلم على ما مضى فيه.
فصل:
وتجوز الإجارة مدة لا تلي العقد، مثل أن يؤجره شهر رجب وهو في صفر، سواء كانت فارغة أو مؤجرة مع المستأجر، أو غيره؛ لأنها مدة يجوز العقد عليها مع غيرها، فجاز عليها مفردة، كالتي تلي العقد، ويحتاج إلى ذكر ابتدائها؛ لأنها أحد طرفي المدة، فاحتيج إلى معرفتها كالانتهاء، فإن كانت تلي العقد فابتداؤها منه، ولا يحتاج إلى ذكرها؛ لأنها معلومة.
فصل:
فإن قال: أجرتكها كل شهر بدرهم، فالمنصوص أنه صحيح، وذهب إليه الخرقي والقاضي؛ لكن تصح في الشهر الأول بإطلاق العقد؛ لأنه معلوم يلي العقد وأجرته معلومة، وما بعده يصح العقد فيه بالتلبس به، ولكل واحد منهما الفسخ عند تقضي كل