وقال بعض أصحابنا: هو لازم؛ لأنه عقد معاوضة فكان لازماً، كالإجارة، فعلى هذا يفتقر إلى تقدير مدتها كالإجارة، ويجب أن تكون المدة تكمل الثمرة في مثلها؛ لأن المقصود اشتراكهما في الثمرة.

فلا يحصل بدون ذلك.

فإن شرطا مدة لا تكمل الثمرة فيها، فعمل العامل، ففيه وجهان: أحدهما: لا شيء له؛ لأنه رضي بالعمل بغير عوض، فأشبه المتطوع.

والثاني: له أجرة مثله؛ لأنه يقتضي العوض، فلم يسقط بالرضى بتركه، كالوطء في النكاح، وإن جعلا مدة تحمل في مثلها، فلم يتحمل، فلا شيء له؛ لأنه عقد صحيح، فيه مسمى صحيح، فلم يستحق غيره.

كعامل المضاربة إذا لم يربح، وإن جعلا مدة قد تكمل فيها، وقد لا تكمل، ففيه وجهان: أحدهما: يصح؛ لأنها مدة يُرجى وجود الثمرة فيها، فصح العقد عليها، كالتي قبلها.

والثاني: لا يصح؛ لأنه عقد على معدوم ليس الغالب وجوده، فلم يصح، كالسلم في مثله.

فعلى هذا، إن عمل استحق الأجر؛ لأنه لم يرض بالعمل بغير عوض، ولم يسلم له، فرجع إلى بدله، كالإجارة الفاسدة.

فصل:

ويجوز عقد المساقاة والإجارة على مدة يغلب على الظن بقاء العين فيها، وإن طالت؛ لأنه عقد يجوز عاماً، فجاز أكثر منه، كالكتابة.

فإذا عقدها على أكثر من عام، لم يجب ذكر قسط كل سنة، كما لو اشترى أعياناً بثمن واحد، وإن قدر قسط كل سنة، جاز، وإن اختلفت، نحو أن يقول: ساقيتك ثلاثة أعوام على أن لك نصف ثمرة العام الأول، وثلث الثانية، وربع الثالثة.

فإن انقضت المدة قبل طلوع ثمرة العام الآخر، فلا شيء للعامل منها؛ لأنها حدثت بعد موته، وإن ظهرت في مدته تعلق حقه بها لحدوثها في مدته.

فصل:

وحكم المساقاة والمزارعة حكم المضاربة في الجزء المشروط للعامل في كونه معلوماً مشاعاً من جميع الثمرة، وفي الاختلاف في قدره وفساد العقد بجهله، وشرط دراهم لأحدهما، أو ثمرة شجر معين، أو عمل رب المال، أو غلمانه، في ملكه للنماء بالظهور؛ لأنه عقد على العمل في مال ببعض نمائه، فأشبه المضاربة، ولو شرط له ثمرة عام غير الذي عامله فيه، لم يصح، كما لو شرط للمضارب ربح غير مال المضاربة، وإن قال: إن سقيته سيحاً، فلك الثلث، وإن سقيته بنضح، فلك النصف، وإن زرعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015