فصل:

وللمضارب أن يأخذ مضاربة أخرى، إذا لم يكن فيه ضرر على الأولى؛ لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها، فلم يملك عقدا آخر كالوكالة.

فإن كانت الثانية، تشغله عن الأولى، لم يجز؛ لأنه تصرف يضر به، فلم يجز كالبيع بغبن، فإن فعل ضم نصيبه من الربح في الثاني إلى ربح الأول، فاقتسماه؛ لأن ربحه الثاني حصل بالمنفعة التي اقتضاها العقد الأول، وإن فعل ذلك بإذن الأول، جاز؛ لأن الحق له فجاز بإذنه.

فإن أخذ مالين من رجلين، واشترى بكل مال عبداً فاشتبها عليه، ففيه وجهان: أحدهما: يكونان شريكين فيهما، كما لو اشتركا في عقد البيع.

والثاني: يأخذهما العامل، وعليه رأس المال؛ لأنه تعذر ردهما بتفريطه، فلزمه ضمانهما كما لو أتلفهما.

فصل:

وإذا دفع إليه ألفاً، ثم دفع إليه ألفاً آخر، لم يجز له ضم أحدهما إلى الآخر؛ لأنه أفرد كل واحد بعقد له حكم، فلم يملك تغييره، فإن أمره بضمهما قبل التصرف فيهما، أو بعد أن نضا، جاز وصارا مضاربة واحدة، وإن كان بعد التصرف قبل أن ينضا، لم يجز؛ لأن حكم ما تصرف فيه قد استقر، فصار ربحه وخسرانه مختصاً به، فضم الآخر إليه يوجب جبر وضيعة أحدهما بربح الآخر، فلم يجز.

فصل:

وليس للمضارب ربح حتى يوفي رأس المال؛ لأن الربح هو الفاضل عن رأس المال.

فلو ربح في سلعة، وخسر في أخرى، أو في سفرة، وخسر في أخرى جبرت الوضيعة من الربح، وإن تلف بعض المال قبل التصرف، فتلفه من رأس المال؛ لأنه تلف قبل التصرف، أشبه التالف قبل القبض، وإن تلف بعد التصرف، حسب من الربح؛ لأنه دار في التجارة، فإن اشترى عبدين بمائة، فتلف أحدهما، وباع الآخر بخمسين، فأخذ منها رب المال خمسة وعشرين بقي رأس المال خمسين؛ لأن رب المال أخذ نصف المال الموجود، فسقط نصف الخسران، ولو لم يتلف العبد، وباعهما بمائة وعشرين، فأخذ رب المال ستين، ثم خسر العامل فيما معه عشرين، فله من الربح خمسة؛ لأن سدس ما أخذه رب المال ربح، للعامل نصفه، وقد انفسخت المضاربة فيه، فلا يجبر به خسران الباقي، وإن اقتسما العشرين الربح خاصة، ثم خسر عشرين، فعلى العامل رد ما أخذه، وبقي رأس المال تسعين؛ لأن العشرة الباقية مع رب المال تحسب من رأس المال، ومهما بقي العقد على رأس المال، وجب جبر خسرانه من ربحه وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015