بذلك عرفاً، لكون غير ذلك تضييعاً لماله، وهو لا يرضاه، ولو حضر من يطلبه بأكثر من ثمن المثل، لم يجز بيعه بثمن المثل؛ لأنه تضييع لمال أمكن تحصليه، وإن باع بثمن المثل، فحضر من يزيد في مدة الخيار، لم يلزمه الفسخ؛ لأنها زيادة منهي عنها، ولا يأمن رجوع صاحبها عنها، فإن باع بأقل من ثمن المثل أو بأقل مما قدر له، فعنه: البيع باطل؛ لأنه غير مأذون فيه، وعنه: يصح، ويضمن الوكيل النقص؛ لأنه فوته، ويصح البيع؛ لأن الضرر يزول بالتضمين، ولا عبرة بما يتغابن الناس به، كدرهم في عشرة؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، وهل يلزم الوكيل جميع النقص أم بين ما يتغابن الناس به، وما لا يتغابنون به؟ على وجهين، وكل موضع قلنا: لا يملك البيع والشراء، فحكمه فيه حكم الأجنبي، وقد ذكرناه؛ لأن هذا غير مأذون فيه.
فصل:
وإن وكله في الشراء فأطلق، لم يجز أن يشتري بأكثر من ثمن المثل، لما ذكرنا، وإن اشترى بأقل من ثمن المثل، أو أقل مما قدر له، صح؛ لأنه مأذون فيه عرفاً.
فإن قال: لا تشتره بأقل من مائة، لم يملك مخالفته؛ لأن نصه مقدم على دلالة العرف، وإن قال: اشتره بمائة، ولا تشتره بخمسين، فله شراؤه بما فوق الخمسين؛ لأنه باق على دلالة العرف، وإن قال: اشتر لي عبداً وصفه بمائة، فاشتراه بدونها جاز، وإن خالف الصفة، لم يلزم الموكل، وإن لم يصفه، فاشترى عبداً يساوي مائة بأقل منها، جاز، وإن لم يساو المائة، لم يلزم الموكل، وإن ساوى ما اشتراه به؛ لأنه خالف غرضه، وإن قال: اشتر لي شاة بدينار، فاشترى شاتين تساوي إحداهما ديناراً، صح؛ لحديث عروة، ولأنه ممتثل للأمر بإحداهما، والثانية زيادة نفع، وإن لم تساو ديناراً، لم يصح.
فإن باع الوكيل شاة، وبقيت التي تساوي ديناراً، فظاهر كلام أحمد صحته، لحديث عروة، ولأنه وفى بغرضه فأشبه إذا زاد على ثمن المثل.
فصل:
وإن وكله في الشراء نسيئة، فاشترى نقداً، لم يلزم الموكل؛ لأنه لم يؤذن له فيه، وإن وكله في الشراء بنقد، فاشترى بنسيئة أكثر من ثمن النقد، لم يجز لذلك، وإن كان بمثل ثمن النقد، وكان فيه ضرر، مثل أن يستضر بحفظ ثمنه، فكذلك، وإن لم يستضر به، لزمه؛ لأنه زاده خيراً، وإن أذن له في البيع بنقد لم يملك بيعه نسيئة، وإن أذن له في البيع نسيئة، فباع بنقد، فهي كمسألة الشراء سواء، وإن عين له نقداً، لم يبع إلا به، وإن أطلق، لم يبع إلا بنقد البلد؛ لأن الإطلاق ينصرف إليه.
فإن كان فيه نقدان، باع بأغلبهما، وإن قدر له أجلاً، لم تجز الزيادة عليه؛ لأنه لم يرض بها، وإن أطلق الأجل، جاز، وحمل على العرف في مثله؛ لأن مطلق الوكالة يحمل على المتعارف، ولا يملك