المواريث الدارسة، ولأن هذا مما يحتاج إليه، ويسامح فيه، فجرى سمن المستأجر للركوب، وهزاله. وقال القاضي: يصح في اليابس، المعتمد على حائط، ولا يصح في الرطب؛ لأنه يزيد ويتغير، ولا في غير المعتمد؛ لأنه لا قرار له. وقال أبو الخطاب: لا يصح في الجميع؛ لأن الرطب يزيد ويتغير، واليابس ينقص ويذهب. وإن صالحه بجزء من ثمرتها معلوم، ففيه وجهان:
أحدهما: المنع؛ للجهالة فيه وفي عوضه.
والثاني: يجوز؛ لأن هذا يكثر في الأملاك المتجاورة، وفي القطع إتلاف وإضرار، فدعت الحاجة إلى الصلح بجزء من الثمرة؛ لأنه أسهل، ولو امتدت عروق شجرة، حتى أثرت في بناء غيره، أو بئره، فعليه إزالته؛ لأن قرار ملك الإنسان ملكه، فهو كهوائه، ولو مال حائطه إلى ملك جاره، أو طريق، لزمه إزالته.
فصل
ليس للإنسان أن يفتح في حائط جاره طاقاً، ولا يغرز فيه وتداً، ولا مسماراً، ولا يحدث عليه حائطاً، ولا سترة بغير إذنه؛ لأنه يصرف في ملك غيره، بما يضر به، فلم يجز، كهدمه. وليس له وضع خشبة عليه، إن كان يضر بالحائط، أو يضعف عن حمله؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» وإن كان لا يضر، وبه غنى عنه، لم يجز عند أكثر أصحابنا؛ لأنه تصرف في ملك غيره، بما يستغني عنه، فلم يجز، كفتح الطاق، وغرز المسمار، وأجازه ابن عقيل لخبر أبي هريرة. ولأن ما أبيح لا تعتبر له حقيقة الحاجة، كانتزاع الشقص المشفوع، والفسخ بالعيب. وإن احتاج إليه، بحيث لا يمكنه التسقيف إلا به جاز؛ لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يمنع أحدكم جاره، أن يضع خشبة على جداره» متفق عليه. ولأنه انتفاع، لا ضرر فيه، دعت الحاجة إليه، فوجب بذله، كفضل الماء لبهائم غيره، وذكر القاضي، وأبو الخطاب: أنه لا يجوز، إلا لمن ليس له إلا حائط واحد، ولجاره ثلاثة، وقد يتعذر التسقيف على الحائطين غير المتقابلين، فالتفريق تحكم، فأما وضع الخشب في حائط المسجد مع الشرطين، ففيه روايتان:
إحداهما: يجوز؛ لأن تجويزه في ملك الآدمي المبني حقه على الضيق، تنبيه على جوازه في حق الله، المبني على المسامحة والسهولة.
والثانية: المنع، اختارها أبو بكر؛ لأن الأصل المنع، خولف في الآدمي المعين، فيبقى فيما عداه على مقتضى الأصل، ويتخرج من هذه الرواية، أن يمنع من وضعه في ملك الجار إلا بإذنه؛ لما ذكرنا للرواية الأولى، فإن صالحه المالك على وضع خشبه