لبعض حقه ببعض، ولا يصح بلفظ الصلح؛ لأن معنى صالحني عن المائة بخمسين، أي بعني، وذلك غير جائز، لما ذكرنا، ولأنه ربا. ولو صالحه عن مائة مؤجلة بخمسين حالة، لم يجز لذلك؛ لأن بيع الحلول غير جائز. وإن صالحه عن الحالة بأقل منها مؤجلة، لم يصح؛ لأن الحال لا يتأجل بالتأجيل، وما يسقطه لا مقابل له، إلا أن يسقطه اختياراً منه بغير عوض، ولو اعترف له بداره، فصالحه على أن يسكنه فيها مدة، أو يبني عليها غرفة، ونحو ذلك، لم يصح؛ لأنه لا عوض له.
فصل
القسم الثاني: أن يعترف له بعين في يده، فيهب له بعضها، ويستوفي باقيها، فيصح، لما ذكرنا في الإبراء إذا فعل هذا اختياراً من غير منع الغريم، ووهب له بغير شرط، كما ذكرنا في الإبراء.
فصل
القسم الثالث: أن يعترف له بعين، أو دين، فيصالحه على غيره. وذلك ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يعترف له بنقد، فيصالحه على نقد، فهذا صرف يعتبر له شروطه.
الثاني: أن يعترف له بنقد، فيصالحه على عرض، أو بعرض فيصالحه على نقد أو عرض، فهذا بيع تثبت فيه أحكامه كلها.
الثالث: أن يعترف له بنقد أو عرض، فيصالحه على منفعة كسكنى دار، أو خدمة، فهذا إجارة تثبت فيه أحكامها. ولو تلفت العين التي صالح عليها، بطل الصلح. فإن كان قد مضى بعض المدة، بطل فيما بقي بقسطه. ولو اعترفت المرأة بدين فصالحته على أن تزوجه نفسها، صح، وكان صداقاً لها، ولو اعترفت له بعيب في مبيع، فصالحته على نكاحها، صح. فإن زال العيب، رجعت بأرشه؛ لأنه الصداق ولم يسم الخرقي الصلح في الإنكار صلحاً.
فصل
وإذا اعترف له بشيء، لم يجز أن يصالح بأكثر منه من جنسه؛ لأن الزائد لا مقابل له. ولو اعترف بقتل خطأ فصالحه بأكثر من الدية من جنسها، لم يجز. وإن كان من غير جنسها، جاز؛ لأنه معاوضة. ولو أتلف شيئاً قيمته مائة، فصالحه على مائة وعشرة، لم يجز لذلك. وإن صالحه على عرض جاز، وإن كثر؛ لأنه بيع. ولو أجل العوض الواجب بالإتلاف، لم يصر مؤجلاً بتأجيله.