وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن» وقبوله لصدقتهن حين تصدقن، ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشده، نفذ تصرف فيه بغير إذن غيره كالرجل. وعنه: لا تهب شيئاً إلا بإذن زوجها، ولا ينفذ عتقها؛ لما روى عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها» . رواه أبو داود، وكلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عام في القليل والكثير. وقال أصحابنا: لها التبرع بالثلث فما دون، وما زاد فعلى روايتين.

فصل

وهل لها الصدقة من ماله بالشيء اليسير بغير إذنه؟ فيه روايتان:

إحداهما: لها ذلك؛ لأن عائشة قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها، وله مثله بما كسب، ولها بما أنفقت، وللخازن مثل ذلك من غير أن ينتقص من أجورهم شيء» وعن «أسماء أنها قالت: يا رسول الله، ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ مما أدخل علي؟ قال: ارضخي ما استطعت، ولا توعي، فيوعي الله عليك» متفق عليهما.

ولأن العادة السماح بذلك، فجرى مجرى صريح الإذن.

والثانية: لا يجوز؛ لما روى أبو أمامة قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها، قيل: يا رسول الله، ولا الطعام، قال: ذلك أفضل أموالنا» رواه سعيد والترمذي. ولأنه تبرع بمال غيرها، فلم يجز، كالصدقة بثيابه والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015