قال: إصلاحاً في أموالهم، ولأن الحجر عليه، لحفظ ماله، فيزول بصلاحه، كالعدل. ولأن الفسق معنى، لو طرأ بعد الرشد، لم يوجب الحجر، فلم يمنع من الرشد، كالمرض. فإن كان فسقه يؤثر في تلف ماله، كشراء الخمر ودفعها في الغناء والقمار، فليس برشيد؛ لأنه مفسد لماله.

فصل

وإنما يعرف رشده باختباره؛ لقول الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] . يعني: اختبروهم. واختبارهم: تفويض التصرفات التي يتصرف فيها أمثالهم إليهم، من تجارة أو نيابة. ويفوض إلى المرأة ما يفوض إلى ربة البيت، من استئجار الغزالات، وتوكيلها في شراء الكتان، والاستيفاء عليهن. ووقت الاختيار قبل البلوغ في ظاهر المذهب؛ لقوله سبحانه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] . ولأن تأخيره يؤدي إلى الحجر على البالغ الرشيد حتى يختبره، ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء، فإذا تصرف بإذن وليه، صح تصرفه؛ لأنه متصرف بأمر الله تعالى، فصح تصرفه كالرشيد. وفيه رواية أخرى لا يختبر إلا بعد البلوغ؛ لأنه قبله ليس بأهل للتصرف؛ لأنه لم يوجد البلوغ الذي هو مظنة العقل، فكان عقله بمنزلة المعدوم. وفي تصرف الصبي المميزة بإذن وليه روايتان. بناء على هذا. فأما غير المأذون، فلا يصح تصرفه إلا في الشيء اليسير؛ لأن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفوراً فأرسله.

فصل

ومن لم يؤنس منه رشد، لم يدفع إليه ماله، ولم ينفك الحجر عنه، وإن صار شيخاً، للآية. ولأنه غير مصلح لماله، فلم يدفع إليه، كالمجنون. وإن فك الحجر عنه فعاود السفه، أعيد عله الحجر؛ لما روى عروة بن الزبير: أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعاً، فأتى الزبير فقال: إني قد ابتعت بيعاً، وإن علياً يريد أن يأتي أمير المؤمنين عثمان فيسأله الحجر علي، فقال الزبير: أنا شريكك في البيع، فأتى علي عثمان فقال: إن ابن جعفر قد ابتاع بيع كذا فاحجر عليه، فقال الزبير: أنا شريكه، فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير؟ وهذه قصة يشتهر مثلها، ولم تنكر فتكون إجماعاً. ولأن السفه يقتضي الحجر لو قارن، فيقتضيه إذا طرأ، كالجنون. ولا يحجر عليه إلا الإمام، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015