رجع على الراهن، رجع الراهن على العدل، لتفريطه في القضاء بغير بينة، إلا أن يكون قضاؤه بحضرة الراهن، أو ببينة فماتت، أو غابت فلا يرجع عليه، لعدم تفريطه، وعنه: لا يرجع على العدل بحال؛ لأنه أمين، ولو غصب المرتهن الرهن من العدل ثم رده إليه، زال الضمان؛ لأنه رده إلى وكيل الراهن في إمساكه، فأشبه ما لو أذن له في دفعه إليه. ولو كان الرهن في يده، فتعدى فيه، ثم زال التعدي، لم يزل الضمان؛ لأن استئمانه زال بذلك، فلم يعد بفعله.
فصل
وإذا رهن أمة رجلاً، وشرط جعلها في يد امرأة، أو ذي رحم لها، أو ذي زوجة أو أمة، جاز؛ لأنه لا يفضي إلى الخلوة بها. وإن لم يكن كذلك، فسد الرهن، لإفضائه إلى خلوة الأجنبي بها، ولو اقترض ذمي من مسلم مالاً، ثم رهنه خمراً، لم يصح؛ لأنها ليست مالاً، وإن باعها الذمي أو وكيله، وأتاه بثمنها، فله أخذه، فإن امتنع، لزمه، وقيل له: إما أن تقبض، أو أن تبرئ؛ لأن أهل الذمة إذا تقابضوا في العقود الفاسدة، جرى مجرى الصحيح.
فصل
فإن شرط ما ينافي مقتضى الرهن، نحو أن يشترط أن لا يسلمه، أو لا يباع عند الحلول، أو لا يستوفى الدين من ثمنه، أو شرط أن يبيعه بما شاء، أو لا يبيعه إلا بما يرضيه، فسد الشرط؛ لأن المقصود مع الوفاء به مفقود. وإن شرط أنه متى حل الحق، ولم توفني، فالرهن لي بالدين، أو بثمن سماه، فسد؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا يغلق الرهن» رواه الأثرم. ومعناه: استحقاق المرتهن له لعجز الراهن عن فكاكه، ولأنه علق البيع على شرط مستقبل، فلم يصح، كما لو علقه على قدوم زيد. وإن قال: أرهنك على أن تزيدني في الأجل، لم يصح؛ لأن الدين الحال لا يتأجل، وإذا لم يثبت الأجل فسد الرهن؛ لأنه في مقابلته. وإن شرط أن ينتفع المرتهن بالرهن في دين القرض، لم يجز، وإن كان بدين مستقر في مقابلة تأخيره عن أجله، لم يجز؛ لأنه بيع للأجل، وإن كان في بيع، فعن أحمد جوازه إذا جعل المنفعة معلومة، كخدمة شهر ونحوه، فيكون بيعاً وإجارة. وإن لم تكن معلومة، بطل الشرط للجهالة، وبطل البيع لجهالة ثمنه، وما عدا هذا، فهو إباحة لا يلزم الوفاء به، وإن قال: رهنتك ثوبي هذا يوماً، ويوماً لا أوقته، فالرهن فاسد؛ لأن ينافي مقتضاه، وكل شرط يسقط به دين الرهن يفسده، وما لا يؤثر في ضرر أحدهما كاشتراط جعل الأمة في يد أجنبي عزب، لا يفسده. وفي سائر الشروط الفاسدة وجهان: