احتاج إلى دواء، أو فتح عرق، لم يلزمه؛ لأن الشفاء بيد الله تعالى، وقد يحيا بدونه، بخلاف النفقة، ولا يجبر على إطراق الماشية؛ لأنه ليس مما يحتاج إليه لبقائها، وليس عليه ما يتضمن زيادة الرهن. فإن احتاجت إلى راع لزمه؛ لأنه لا قوام لها بدونه. فإن أراد السفر بها ليرعاها ولها في مكانها مرعى تتماسك به، فللمرتهن منعه؛ لأن فيه إخراجها عن يده ونظره، وإن أجدب مكانها، فللراهن السفر بها لأنه موضع حاجة. فإن اتفقا على السفر بها، واختلفا في مكانها، قدمنا قول من يطلب الأصلح، فإن استويا، قدم قول المرتهن؛ لأنه أحق باليد.

فصل

وليس للمرتهن أن ينتفع من الرهن بشيء بغير إذن الراهن، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن من راهنه، له غنمه وعليه غرمه» ومنافعه من غنمه، ولأن المنافع ملك للراهن، فلم يجز أخذها بغير إذنه، كغير الرهن، إلا ما كان مركوباً أو محلوباً ففيه روايتان:

إحداهما: هو كغيره لما ذكرناه.

والثانية: للمرتهن الإنفاق عليه، ويركب ويحلب بقدر نفقته، متحرياً للعدل في ذلك، سواء تعذر الإنفاق من المالك أو لم يتعذر. لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن يركب بنفقته، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» رواه البخاري. وفي لفظ: «فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشرب نفقته، ويركب» . فإن أنفق متبرعاً، فلا شيء له. رواية واحدة. وليس له استخدام العبد بقدر نفقته. وعنه: له ذلك إذا امتنع مالكه من الإنفاق عليه، كالمركوب والمحلوب. قال أبو بكر: خالف حنبل الجماعة. والعمل على أنه لا ينتفع من الرهن بشيء؛ لأن القياس يقتضي ذلك، خولف في المركوب والمحلوب للأثر، ففي غيره يبقى على القياس.

فصل

وإن أنفق المرتهن على الرهن متبرعاً، لم يرجع، وإن أنفق بإذن الراهن بنية الرجوع، رجع بما أنفق؛ لأنه نائب عنه، فأشبه الوكيل، وإن أنفق بغير إذنه، معتقداً للرجوع نظرنا، فإن كان مما لا يلزم الراهن، كعمارة الدار، لم يرجع بشيء؛ لأنه تبرع بما لا يلزمه، فلم يرجع به كغير المرتهن، وإن كان مما يلزمه، كنفقة الحيوان، وكفن العبد، فهل يرجع به؟ على روايتين، بناء على من قضى دينه بغير إذنه.

فصل

فإذا أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع به بغير عوض، والرهن في قرض، لم يجز؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015