فصل

وفي رهن المصحف، روايتان، كبيعه. وإن رهنه أو رهن كتب الحديث، أو عبداً مسلماً لكافر، لم يصح؛ لأنه لا يصح بيعه له، ويحتمل أن يصح إذا شرطا كونه في يد مسلم، ويبيعه الحاكم إذا امتنع مالكه؛ لأن الرهن لا ينقل الملك إلى الكافر، بخلاف البيع، ولا يجوز رهن المنافع؛ لأنها تهلك إلى حلول الحق. ولو رهنه أجرة داره شهراً، لم يصح؛ لأنه مجهول. ولو رهن المكاتب من يعتق عليه، لم يصح؛ لأنه لا يملك بيعه.

[باب ما يدخل في الرهن وما يملكه الراهن وما يلزمه]

باب ما يدخل في الرهن وما لا يدخل وما يملكه الراهن، وما لا يملكه وما يلزمه وما لا يلزمه جميع نماء الرهن المنفصل يدخل في الرهن ويباع معه؛ لأنه عقد وارد على الأصل، فثبت حكمه في نمائه كالبيع، أو نماء حادث من غير الرهن، أشبه المتصل. ولو ارتهن أرضاً، فنبت فيها شجر، دخل في الرهن؛ لأنه من نمائها، سواء نبت بنفسه أو بفعل الراهن. ويدخل فيه الصوف واللبن الموجودان، والحادثان، لدخولهما في البيع. وإن رهنه أرضاً ذات شجر، أو شجراً مثمراً، فحكمه في ذلك حكم البيع. وإن رهنه داراً فخربت، فأنقاضها رهن؛ لأنها من أجزائها. وإن رهنه شجراً، لم تدخل أرضه في الرهن؛ لأنها أصل فلا تدخل تبعاً.

فصل

ولا يملك الراهن التصرف في الرهن، باستخدام ولا سكنى، ولا إجارة ولا إعارة، ولا غيرها بغير رضى المرتهن، ولا يملك المرتهن ذلك بغير رضى الراهن. فإن لم يتفقا على التصرف، كانت منافعه معطلة تهلك تحت يد المرتهن حتى يفك؛ لأن الرهن عين محبوسة على استيفاء حق، فأشبهت المبيع المحبوس على ثمنه. وإن اتفقا على إجارته أو إعارته، جاز في قول الخرقي وأبي الخطاب؛ لأن يد المستأجر والمستعير نائبة عن يد المرتهن في الحفظ، فجاز، كما لو جعلاه في يد عدل. ولا فائدة في تعطيل المنافع؛ لأنه تضييع مال نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه. وقال أبو بكر: لا يجوز إجارته. فإن فعلا بطل الرهن؛ لأن الرهن يقتضي الحبس عند المرتهن أو نائبه. فمتى وجد عقد يقتضي زوال الحبس، بطل الرهن. وقال ابن أبي موسى: إن أجره المرتهن، أو أعاره بإذن الراهن، جاز. وإن فعل ذلك الراهن بإذن المرتهن، فكذلك في أحد الوجهين. وفي الآخر يخرج من الرهن؛ لأن المستأجر قائم مقام الراهن، فصار كما لو سكنه الراهن.

فصل

ولا يمنع الراهن من إصلاح الرهن، كمداواته بما لا يضر، وفصده وحجمه عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015