كثير ينكره المشتري، والمشتري يدعي عقداً ينكره البائع، والقول قول المنكر مع يمينه. ويبدأ بيمين البائع، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل القول ما قال البائع، وكان جنبته أقوى، لأنهما إذا تحالفا رجع المبيع إليه، فكانت البداية به أولى. كصاحب اليد. ويجب الجمع في اليمين بين النفي والإثبات، لأنه يدعي عقداً وينكر آخر فيحلف عليهما، ويقدم النفي فيقول: والله ما بعته بكذا، ولقد بعته بكذا، لأن الأصل في اليمين أنها للنفي، ويكفيه يمين واحدة، لأنه أقرب إلى فصل القضاء فإن نكل أحدهما لزمه ما قال صاحبه، وإن رضي أحدهما بما قال الآخر فلا يمين. وإن حلفا ثم رضي أحدهما بما قال الآخر أجبر على القبول، لأنه قد وصل إليه ما ادعاه، وإن لم يرضيا فلكل واحد منهما الفسخ، ويحتمل أن الفسخ للحاكم، لأن العقد صحيح، وإنما يفسخ لتعذر إمضائه في الحكم فأشبه نكاح المرأة إذا زوجها الوليان. والأول: المذهب، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أو يترادان البيع» فجعله إليهما. وفي سياقه أن ابن مسعود رواه للأشعث بن قيس. وقد اختلف في ثمن مبيع، فقال الأشعث: فإني أرى أن أرد البيع. ولأنه فسخ لاستدراك الظلامة، أشبه رد المعيب.
فصل
وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن الفسخ ينفذ ظاهراً وباطناً، لأنه فسخ لاستدراك الظلامة، فأشبه رد المعيب. واختار أبو الخطاب أن المشتري إن كان ظالماً، ففسخ البائع ينفذ ظاهراً وباطناً، لعجزه عن استيفاء حقه فملك الفسخ، كما لو أفلس المشتري. وإن كان البائع ظالماً لم ينفذ فسخه باطناً، لأنه يمكنه إمضاء العقد فلم ينفذ فسخه، ولم يملك التصرف في المبيع، لأنه غاصب.
فصل
وإن اختلفا بعد تلف المبيع ففيه روايتان:
إحداهما: يحالفان ويفسخان البيع، لأن المعنى الذي شرع له التحالف حال قيام السلعة موجود حال تلفها فيشرع، ويجب رد قيمة السلعة، فإن اختلفا في قيمتها وجب قيمة مثلها، موصوفاً بصفاتها، وإن زادت على ما ادعاه البائع، لأن الثمن سقط ووجبت القيمة. فإن اختلفا في الصفة فالقول قول المشتري مع يمينه، لأنه غارم.
والثانية: القول قول المشتري مع يمينه، اختارها أبو بكر، لقوله في الحديث: «فالبيع قائم بعينه» . فمفهومه أن لا يشرع التحالف مع تلفها، ولأنهما اتفقا على انتقال المبيع إلى المشتري بثمن، واختلفا في الزائد الذي يدعيه البائع وينكره المشتري، والقول قول المنكر، وإنما ترك هذا مع قيام السلعة لإمكان التراد، ولا يمكن رد السلعة