[باب بيع المصراة]

لا يحل بيع المصراة، فإن باعها فالبيع صحيح، فإن كانت من بهيمة الأنعام ولم يعلم المشتري ثم علم، فهو مخير بين إمساكها وردها، لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاع فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر» . متفق عليه. ولأن هذا تدليس بما يختلف الثمن به، فأثبت الخيار كتسويد الشعر. قال أبو الخطاب: متى علم التصرية فله الخيار، لأنه علم سبب الرد فملكه، كما لو علم العيب. وقال القاضي: لا يثبت له الرد إلا عند انقضاء ثلاثة أيام، لأن اللبن قد يختلف لاختلاف المكان، وتغير العلف فإذا مضت الثلاثة بانت التصرية، ويثبت الخيار على الفور. وقال ابن أبي موسى: إذا علم التصرية فله الخيار إلى تمام ثلاثة أيام من حين البيع، لما روى أبو هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من اشترى مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها ورد معها صاعاً من تمر» . رواه مسلم.

فصل

:

ويلزمه مع ردها صاعاً من تمر بدلاً عن اللبن الموجود حال العقد للخبر. ويكون جيداً غير معيب، لأنه واجب بإطلاق الشرع، فأشبه الواجب في الفطرة، وإن ردها قبل حلبها لم يلزمه شيء، لأنه بدل اللبن، ولم يأخذه، وإن ردها بعد حلبها، ولبنها موجود غير متغير ففيه وجهان:

أحدهما: يرده ولا شيء عليه، لأنه بحاله لا عيب فيه.

والثاني: عليه صاع تمر، ولا يلزم البائع قبول اللبن، لأنه يسرع إليه التغير، وكونه الضرع أحفظ له، فإن تغير اللبن فعليه الثمن، ولا يلزم البائع قبول اللبن لتغيره.

وقال القاضي: يلزمه قبوله لأن النقص فيه حصل باستعلام المبيع. فإن لم يقدر على التمر، فقيمته في الموضع الذي وقع عليه العقد، لأنه بمنزلة عين أتلفها، ولو رضي بالتصرية وأصاب عيناً سواها فله ردها، لأن رضاه بعيب لا يمنع الرد بما سواه وعليه مع الرد صاع تمر، لأنه عوض للبن التصرية، فيكون عوضاً له مطلقاً ويحتمل أن لا يلزمه هاهنا إلا مثل اللبن، لبن الأصل وجوب ضمان اللبن بمثله خولف فيما إذا رد المصراة من أجل التصرية للخبر، ففيما إذا ردها لعيب آخر يبقى على الأصل كما لو كانت غير مصراة وفيها لبن. وإن اشترى شاة غير مصراة، فحدث لها لبن فاحتلبه، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015