فكان كتأبير النخل، ويحتمل أنه للبائع بظهور نوره، لأن استتار الثمرة بالنور، كاستتار ثمرة النخل بعد التأبير بالقشر الأبيض.
السادس: ما يقصد ورقه كالتوت، فيحتمل أنه للمشتري بكل حالة قياساً على سائر الورق، ويحتمل أنه إن تفتح فهو للبائع، وإلا فهو للمشتري، لأنه هاهنا كالثمر.
فصل:
وإذا اشترى شجراً عليه ثمرة للبائع، لم يكلف نقلها إلا أوان جذاذها، لأن نقل المبيع على حسب العادة، ولهذا لو اشترى متاعاً ليلاً لم يكلف نقله حتى يصبح، ولو باع متاعاً كثيراً في دار، لم يكلف تفريغها إلا على العادة، ولم يلزمه جمع دواب البلد لنقله دفعة واحدة، فإذا بلغ الجذاذ كلف نقله، وإن كان بقاؤه أنفع له، لأنه أمكن نقله عادة، وإن أصاب الشجر عطش خيف هلاكه ببقائه عليه، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يلزم قطعه، لأنهما دخلا في العقد على ترك الثمرة إلى أوان الجذاذ.
والثاني: يلزم قطعه، لأن المشتري رضي بذلك إذا لم يضر به، وهذا فيه ضرر كثير. وإن أراد أحدهما سقي ما له لمصلحته، فله ذلك، وإن أضر بصاحبه، لأنه رضي بالضرر لعلمه أنه لا بد من السقي، وإن سقى لغير مصلحة لم يمكن منه، لأنه سفه.
فصل
وإن باع أرضاً بحقوقها دخل ما فيها من غراس وبناء في البيع، وإن لم يقل بحقوقها ففيه وجهان:
أحدهما: يدخل أيضاً لأنه متصل بها للبقاء فهو كأجزائها.
والثاني: لا يدخل، لأن الأرض اسم للعرصة دون ما فيها. وإن قال: بعتك هذا البستان دخل الجميع في البيع، لأن البستان اسم للأرض ذات الشجر.
وإن باع الأرض وفيها زرع لا يحصد إلا مرة، كالحنطة والشعير والجزر والفجل لم يدخل في البيع، لأنه نماء ظاهر لفصله غاية فلم يدخل في بيع الأرض كالطلع المؤبر وسواء كان نابتاً أو بذراً لأن البذر مودع في الأرض فلم يدخل في بيعها، كالركاز، ويكون الزرع مبقى إلى حين الحصاد، كما أن الثمرة تبقى إلى حين الجذاذ، فإن أراد البائع قطعه قبل وقته لينتفع بالأرض لم يكن له ذلك، لأن منفعة الأرض إنما حصلت مستثناة عن مقتضى العقد، ضرورة إبقاء الزرع، فتقدرت ببقائه، كما لو باع داراً فيها متاع لا ينقل في العادة إلا في شهر، فيكلف نقله في يوم، لينتفع بها في بقيته. والحصاد على البائع، وعليه إزالة ما يبقى من عروقه المضرة بالأرض، وتسوية حفره،