لأن التمر عليها غير مقصود، ومنعه القاضي لكون الثمرة معلومة، يجوز إفرادها بالبيع بخلاف اللبن، ومنع القاضي بيع اللحم بجنسه إلا منزوع العظام لأن العظم من غير جنس اللحم، فأشبه الشمع في العسل ويحتمل الجواز، لأن العظم من أصل الخلقة، فأشبه النوى في التمر بخلاف الشمع.
فصل:
وما فيه خلط غير مقصود لمصلحته، كالماء في خل التمر والزبيب ودبس التمر، والملح في الخبز. والشيرج في الخبيص ونحوه لا يمنع بيعه بمثله، لأنه لمصلحته، فأشبه رطوبة تمر الرطب. ولا يجوز بيعه بخالص كخل الزبيب بخل العنب والخبز الرطب باليابس كما لا يجوز بيع الرطب بالتمر.
فصل:
ولا يجوز بيع نيئه بمطبوخه، لأن النار تذهب برطوبته، وتعقد أجزاءه، فتمنع تساويهما. ويجوز بيع مطبوخه بمثله إذا لم يظهر عمل النار في أحدهما أكثر من الآخر، لتساويهما في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان في ثاني الحال، كالخبز بالخبز، والشواء والسكر والعسل المصفى بالنار بمثله.
فصل:
ولا يجوز بيع حبه بدقيقه، وعنه: الجواز إذا تساويا وزناً، لأن الدقيق أجزاء الحب، فجاز بيعه به، كما قبل الطحن، والمذهب الأول، لأن البر ودقيقه مكيلان ولا بيع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزناً، ولا يمكن التساوي في الكيل، لأن الطحن فرق أجزاء الدقيق ونشرها، ويجوز بيع كل واحد من الدقيق والسويق بمثله إذا تساويا في الكيل والنعومة، ولما ذكرنا في المطبوخ بمثله، ولا يجوز إذا تفاوتا في النعومة، لأنه يمنع تساويهما في الكيل إلا على قولنا: يجوز بيع الحب بدقيقه وزناً.
فصل:
ولا يجوز بيع أصله بعصيره كالزيتون بزيته، والسمسم بالشيرج، والعنب بعصيره، لأنه لا يتحقق التماثل بين العصير، وما في أصله منه. ويجوز بيع العصير بالعصير لما ذكرنا في المطبوخ. ولا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه لما روى سعيد بن المسيب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن بيع اللحم بالحيوان» . رواه مالك في " الموطأ " ولأنه جنس فيه الربا بيع بأصله الذي فيه منه، فلم يجز كالزيتون بالزيت. وإن باع اللحم بحيوان لا يؤكل جاز لعدم ما ذكر، وإن باعه بحيوان مأكول غير أصله، وقلنا: هما جنس واحد لم يجز وإلا جاز.