العقد، فيحتمل أن يخص قوله بهذه الصورة وشبهها لإفضائه إلى التنازع، فإن البائع يريد قطعها من أعلاها، لتبقى له منها بقية، والمشتري يريد، الاستقصاء عليها، ويحتمل أن يعدى حكمها إلى كل عقد شرط فيه منفعة البائع، لأنه شرط عقداً في عقد، فأشبه ما قبله. وقال القاضي: لم أجد بما قال الخرقي رواية في المذهب، والمذهب جوازه. فإن شرط شرطين، مثل أن اشترط خياطة الثوب وقصارته، وفي الحطب حمله وتكسيره، أو اشترط منفعة البائع، واشترط البائع منفعة المبيع مدة معلومة فسد العقد، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا شرطان في بيع» وإن شرط منفعة معلومة لم يصح لإفضائه إلى التنازع.
فصل:
فإن شرط في البيع أنه إن باعه فهو أحق به بالثمن، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يصح، لأنه شرطان في بيع، لأنه شرط أن يبعه إياه، وأن يعطيه إياه بالثمن ولأنه شرط ينافي مقتضى العقد، لأنه شرط أن لا يبيعه لغيره.
والثانية: يصح، لأنه يروى عن ابن مسعود أنه اشترى أمة بهذا الشرط. وإن قلنا بفساده فهل يفسد [به] البيع؟ فيه روايتان.
فصل:
وكل موضع فسد العقد لم يحصل به ملك وإن قبض، لأنه مقبوض بعقد فاسد، فأشبه ما لو كان الثمن ميتة، ولا ينفذ تصرف المشتري فيه، وعليه رده بنمائه المنفصل والمتصل، وأجرة مثله مدة مقامه في يديه، ويضمنه إن تلف أو نقص بما يضمن به المغصوب، لأنه ملك غيره حصل في يده بغير إذن الشرع، أشبه المغصوب، ولا حد عليه إن وطئ للشبهة، وعليه مهر مثلها، وأرش بكارتها إن كانت بكراً، والولد حر، لأنه من وطء شبهة، ويلحق نسبة به لذلك، ولا تصير به الجارية أم ولد، لأنها ولدت في غير ملك. وإن حكمنا بفساد الشرط وحده، فقال القاضي: يرجع المشتري بما نقص، لأنه إنما سمح به، لأجل الشرط، فإذا لم يحصل رجع بما سمح به.
فصل:
ولا يحل البيع بعد النداء للجمعة قبل الصلاة لمن تجب عليه الجمعة، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] . فإن باع لم يصح للنهي ويجوز ذلك لمن لا تجب عليه الجمعة، لأن الخطاب بالسعي لم يتناوله، فكذلك النهي والنداء الذي تعلق به السعي والنهي هو