وعنه: لا يصح البيع بالصفة، لأنه لا يمكن استقصاؤها.
والمذهب الأول، لأنه مبيع معلوم بالصفة، فصح بيعه كالمسلم فيه. وبيع الأعمى، وشراؤه بالصفة كبيع البصير بها، فإن عدمت الصفة، وأمكنه معرفة المبيع بذوق أو شم صح بيعه وإلا لم يصح، لأنه مجهول في حقه.
فصل:
ولا يجوز بيع عبد من عبيد ولا شاة من قطيع، ولا ثوب من أثواب ولا أحد هذين العبدين، لأنه غرر، فيدخل في الخبر، ولأنه يختلف فيفضي إلى التنازع ويجوز بيع قفيز من صبرة، ورطل زيت من دن أو ركوة، لأن أجزاءه لا تختلف، فلا يفضي إلى التنازع، فإن باع جريباً من ضيعة يعلمان جربانها صح، وكان المبيع مشاعاً منها، وإن كانت عشرة أجربة فالمبيع عشرها، وإن لم يعلما جربانها لم يصح، لأنه لا يعلم قدره منها، فيكون مجهولاً.
فصل:
وما لا تختلف أجزاؤه، كصبر الطعام، وزق الزيت، يكتفى برؤية بعضه، لأنها تزيل الجهالة، لتساوي أجزائه، ولأنه تتعذر رؤية جميعه فاكتفي ببعضه كأساسات الحيطان، وما تشق رؤيته، كالذي مأكوله في جوفه يكتفى برؤية ظاهره لذلك وكذلك أساسات الحيطان وطي الآبار وشبهها ويجوز بيع الباقلا والجوز واللوز في قشريه والحب في سنبله، لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الحب حتى يشتد» رواه أبو داود. فمفهومه جواز بيع المشتد، ولأنه مستور بما خلق فيه فجاز بيعه، كالذي مأكوله في جوفه، ولأن قشره الأعلى من مصلحته، لأنه يحفظ رطوبته، وادخار الحب في سنبله أبقى له، فجاز بيعه فيه، كالسلت والأرز، وما لا تشق رؤية جميعه ويشترط رؤية جميعه على ما أسلفناه.
فصل:
إذا قال: بعتك هذه الصبرة صح، وإن لم يعلم قدرها، لأن ابن عمر قال: «كنا نبتاع الطعام من الركبان جزافاً على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . متفق عليه. ولأن غرر ذلك مُنْتَفٍ بالمشاهدة فاكتفي بها. وإن باعه نصفها أو ثلثها أو جزءاً منها مشاعاً صح لأن من عرف شيئاً عرف جزأه. وإن قال: بعتكها كل قفيز بدرهم صح، لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، والثمن معلوم لإشارته إلى من يعلم مبلغه بجهة، لا تتعلق بالمتعاقدين، وهو