رواه مسلم.
وبيع المعدوم بيع غرر، ولأن تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، تنبيه على تحريم بيعها قبل وجودها، فلا يجوز بيع الثمرة قبل خلقها، ولا بيع الماء العد الذي له مادة، كماء العيون والآبار، لأنه بيع لما يتجدد، وهو في الحال معدوم.
فصل:
ولا يجوز بيع ما لا يُقدر على تسليمه، كالطير في الهواء، والسمك في الماء، والعبد الآبق، والجمل الشارد، والفرس العائر، والمغصوب في يد الغاصب، لحديث أبي هريرة. وقال ابن مسعود: لا تشتروا السمك في الماء، فإنه غرر. ولأن القصد بالبيع تمليك التصرف، ولا يمكن ذلك فيما لا يقدر على تسليمه، فإن باع طيراً له في برج مغلق الباب، أو سمكاً له في بركة معدة للصيد وكان معروفاً بالرؤية مقدوراً على تناوله بلا تعب جاز بيعه، لعدم الغرر فيه. وإن اختل بعض ذلك لم يجز. وإن باع الآبق لقادر عليه، أو المغصوب لغاصبه، أو لقادر على أخذه منه جاز لذلك وإلا فلا.
فصل:
ولا يجوز بيع ما تُجهل صفته، كالحمل في البطن، واللبن في الضرع والبيض في الدجاج، والنوى في التمر، لحديث أبي هريرة: وروى ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع المجر» والمجر: شراء ما في الأرحام. وعن أبي هريرة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع المضامين والملاقيح» قال أبو عبيدة: الملاقيح: ما في البطون، وهي الأجنة، والمضامين: ما في أصلاب الفحول. وما سواه يقاس عليه. وروي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يباع صوف على ظهر، أو لبن في ضرع» رواه ابن ماجة.
وعنه: في بيع الصوف على الظهر روايتان:
إحداهما: لا يجوز للخبر، ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالبيع، كأعضائه.
والثانية: يجوز بشرط جزه في الحال، لأنه معلوم ممكن تسليمه، فجاز بيعه كالزرع في الأرض.