وعن أحمد: أنه كره بيعها، لأنه يأخذ ثمن الوقف، وأجاز شراءها، لأنه كالاستنقاذ لها، فجاز كشراء الأسير، وتجوز إجارتها لأنها مستأجرة في يد أربابها، وإجارة المستأجر جائزة، فأما المساكن في المدائن فيجوز بيعها، لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وبنوها مساكن، وتبايعوها من غير نكير فكان إجماعاً.

فصل:

قال أحمد: لا أعلم في بيع المصحف رخصة، ورخص في شرائه وقال: هو أهون، وذلك لأن ابن عمر وابن عباس وأبا موسى كرهوا بيعه، ولأنه يشتمل على كلام الله تعالى، فيجب صيانته عن الابتذال، والشراء أسهل، لأنه استنقاذ له فلم يكره كشراء الأسير. وقال أبو الخطاب: يجوز بيعها مع الكراهة، وفي شرائها وإبدالها روايتان، فإن بيعت لكافر لم يصح رواية واحدة، لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى على المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم» حديث صحيح متفق عليه فلم يجز تمليكهم إياه، وتمكينهم منه، ولأنه يمنع من استدامة ملكه، فمنع ابتداء، كنكاح المسلمة.

فصل:

ولا يجوز بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام. لما روى جابر قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول «إن الله ورسوله حرم بيع الخمرة والميتة، والخنزير والأصنام» متفق عليه.

ولا يجوز بيع ما لا نفع فيه، كالحشرات، وسباع البهائم، والطير التي لا يصاد بها، وما لا يؤكل من الطير، ولا بيضه، لأنه لا نفع فيها، فأشبهت الخنزير. ولا يجوز بيع الحر لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ذكر منهم رجلاً باع حراً، فأكل ثمنه» . رواه البخاري. ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك، كالمباحات قبل حيازتها، لأنها غير مملوكة أشبهت الحر. ولا يجوز بيع الدم، ولا السرجين النجس، لأنه مجمع على تحريمه، ونجاسته، أشبه الميتة. ولا يجوز بيع شحم الميتة، لأنه منها. وفي حديث جابر قيل: «يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه تدهن بها الجلود، وتطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015