إلا فيما يجب، فإن أكره على بيع غير واجب، لم يصح لعدم الرضى المشترط، وإن أكره على بيع واجب صح، لأنه قول حمل عليه بحق، فصح كإسلام المرتد. ولا يصح من غير عاقل، كالطفل والمجنون والسكران، والنائم والمبرسم، لأنه قول يعتبر له الرضى، فلم يصح من غير عاقل كالإقرار.
كل عين مملوكة يباح نفعها واقتناؤها من غير ضرورة يجوز بيعها، كالمأكول والمشروب، والملبوس والمركوب، والعقار والعبيد والإماء، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] . وقد «اشترى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من جابر بعيراً» ، «ومن أعرابي فرساً» . «ووكل عروة بن الجعد في شراء شاة» ، وباع مدبراً وحلساً وقدحاً، وأقر أصحابه على بيع هذه الأعيان وشرائها.
ويجوز بيع دود القز وبزره، لأنه منتفع به، وبيع النحل في كوارته ومنفرداً عنها إذا رئي وعلم قدره، وبيع الطير الذي يقصد صوته كالهزار والبلبل والببغة، لأنه يشتمل على منفعة مباحة، أشبه الأنعام. ويجوز بيع الهر وسباع البهائم، والطير التي تصلح للصيد، كالفهد والبازي ونحوهما غير الكلب في إحدى الروايتين، وهي اختيار الخرقي والأخرى: لا يجوز وقال أبو بكر وابن أبي موسى: لا يجوز بيعها لنجاستها، فأشبهت الكلب والأول أصح، لأنه حيوان أبيح نفعه واقتناؤه من غير وعيد في جنسه، فجاز بيعه، كالحمار وبهذا يبطل ما ذكراه ويجوز بيع الجحش الصغير، والفهد الصغير، وفرخ البازي، لأنه يصير إلى حال ينفع، فأشبه طفل العبيد. وما ينفع من بيض الطير لمصيره فرخاً فهو كفرخه، لأن مآله إلى النفع.
وقال القاضي: لا يجوز بيعه، لعدم نفعه في الحال. قال أحمد: أكره بيع القرد، قال ابن عقيل: هذا محمول على بيعه للإطافة به واللعب وأما بيعه لحفظ المتاع فيجوز، لأنه منتفع به. وقال أحمد: أكره بيع لبن الآدميات، فيحتمل التحريم، لأنه مائع خارج من آدمية، أشبه العرق ويحتمل كراهية التنزيه، لأنه طاهر منتفع به، أشبه لبن الشاة.
فصل:
ويجوز بيع العبد المرتد، لأنه مملوك منتفع به، وخشية هلاكه لا يمنع بيعه كالمريض، فإن علم المشتري حاله، فلا شيء له، لأنه رضي بعيبه، وإن لم يعلم فله