يباح إلا أن يموت بسبب، كتغريقه وطبخه، والأول المذهب. ولو وجد سمكة في بطن أخرى، أو في حوصلة طائر أو جراد أو حباً، أو وجد الحب في روث بعير حل؛ لأنه في محل طاهر، ولا ذكاة له، فأشبه ما مات في الماء، وعنه: ما أكل مرة لا يؤكل ثانية؛ لأنه رجيع، فيكون مستخبثاً. ولو صاد الوثني حوتاً حل، وعنه: لا يحل، والأول أصح لأنه لا ذكاة له، فأشبه ما لو أخذه ميتاً.

فصل:

وللذكاة أربعة شروط:

أهلية المذكي، بأن يكون مسلماً أو كتابياً أو عاقلاً؛ لقول الله تعالى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وقول سبحانه: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] . يعني: ذبائحهم. ولا تحل ذكاة وثني ولا مجوسي، ولا مرتد، وإن تدين بدين أهل الكتاب؛ لأنه لم يثبت له حكم أهل الكتاب، ومفهوم الآية تحريم ذبائح من سواهم، وفي نصارى بني تغلب روايتان:

أصحهما: حل ذبائحهم، لعموم الآية.

والثانية: تحريمها؛ لأن ذلك يروى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قال أصحابنا: ولا تحل ذبيحة من أحد أبويه وثني أو مجوسي؛ لأنه اجتمع فيه ما يقضي الحظر والإباحة، فغلب الحظر. وإن ذبح اليهودي ما حرم عليهم، وهو كل ذي ظفر.

قال قتادة: هو الإبل والنعام والبط، وما ليس بمشقوق الأصابع، أو ذبح بقرة أو شاة، لم يحرم علينا منه شيء في ظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، واختيار ابن حامد؛ لأنه من أهل الذكاة ذبح ما يحل لنا فأشبه المسلم.

واختار أبو الحسن التميمي أنه يحرم علينا ما يحرم عليه من الشحم، وذي الظفر؛ لأنه لم يبح لذابحه، فلم يبح لغيره كالدم، ويعتبر العقل، فلا تحل ذكاة مجنون، ولا سكران ولا طفل غير عاقل؛ لأنه أمر يعتبر له العقل والدين، فاعتبر له العقل كالغسل، وكذلك لو رمى هدفاً فذبح صيداً، لم يحل. ويصح من العدل والفاسق، والذكر والأنثى، والصبي العاقل والأعمى، لما روى كعب بن مالك «أن جارية له كانت ترعى غنماً بسلع، فأصيب منها شاة، فأدركتها فذكتها بحجر، فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأكلها» . رواه البخاري. وقال ابن عباس: من ذبح من ذكر وأنثى وصغير وكبير، وذكر اسم الله عليه فكل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015