فصل:
والمرأة كالرجل، إلا أنها إذا قدمت مكة نهاراً، استحب لها تأخير الطواف إلى الليل؛ لأنه أستر لها، إلا أن تخاف الحيض، فتبادر الطواف؛ لئلا يفوتها التمتع، ولا يستحب لها مزاحمة الرجال لاستلام الحجر، بل تشير بيدها إليه، قال عطاء: كانت عائشة تطوف حجزة من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين. قالت: انطلقي عنك، وأبت، وليس في حقها رمل، ولا اضطباع؛ لأنه يستحب لها التستر، ولأن الرمل شرع في الأصل لإظهار الجَلَد والقوة، ولا يقصد ذلك في المرأة، ولذلك لا يسن الرمل في حق المكي، ومن جرى مجراهم. وقال ابن عباس وابن عمر: ليس على أهل مكة رمل. وكان ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، إذا أحرم في مكة لم يرمل.
فصل:
إذا فرغ من الركعتين، سعى بين الصفا والمروة، ويستحب أن يستلم الحجر ثم يخرج إلى الصفا من بابه، فيرقى عليه حتى يرى البيت فيستقبله ويدعوه؛ لأن جابراً قال في صفة حج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا، قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] نبدأ بما بدأ الله تعالى به. فبدأ في الصفا، فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبله، فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات» .
قال أحمد: ويدعو بدعاء ابن عمر، ذكر نحواً من هذا. وزاد: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك، ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم حببني إليك، وإلى ملائكتك، وإلى رسلك، وإلى عبادك الصالحين. اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى. واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين، اللهم إنك قلت {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وإنك لا تخلف الميعاد،