فيجزئه بكل مكان؛ لأنه لا نفع فيه لأهل المكان، فلا يختص بالمكان، كرمضان.
فصل:
وما وجب لمساكين الحرم؛ لم يجز ذبحه إلا في الحرم، وفي أي موضع منه ذبح جاز؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل منى منحر، وكل فجاج مكة منحر وطريق» رواه ابن ماجة. مفهومه أنه لا يجوز النحر في غيره مما ليس في معناه. إذا نحر ففرقه على المساكين، فإن أطلقها لهم يقتطعونها، جاز «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحر بدنات خمساً، ثم قال: من شاء فليقتطع» رواه أبو داود. ومساكين الحرم من حله من أهله وغيرهم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطلقها لمن حضره.
ويستحب لمن أراد دخول مكة أن يغتسل، ويدخلها من أعلاها من ثنية كداء، ويخرج من أسفلها؛ لما روي «عن ابن عمر أنه كان يغتسل، ثم يدخل مكة، ويذكر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعله» ، وقال: «دخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة من ثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى» ، متفق عليهما، ويستحب أن يدخل المسجد من باب بني شيبة؛ لقول جابر: «إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل مكة ارتفاع الضحى، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة، ودخل المسجد.» رواه مسلم.
ويستحب أن يدعو عند رؤيته البيت، ويرفع يديه؛ لما روى ابن جريح «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا رأى البيت رفع يديه، وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً ومهابة وبراً، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمر تشريفاً وتعظيماً وبراً» رواه الشافعي في مسنده، وعن سعيد بن المسيب: أنه كان حين ينظر إلى البيت يقول: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام)) . ذكر الأثرم هذا الدعاء وزاد: الحمد لله رب العالمين كثيراً كما هو أهله، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، الحمد لله الذي بلغني بيته، ورآني لذلك أهلاً، الحمد لله على كل حال، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام، وقد جئتك لذلك، اللهم تقبل مني، واعف عني، وأصلح لي شأني كله؛ لا إله إلا أنت، وما زاد من الدعاء فحسن.