عليه. وحكمه في الجزاء حكم صيد الإحرام؛ لأنه مثله في التحريم فكان مثله في الجزاء، والسمك في التحريم كصيد البر؛ لعموم قوله: «لا ينفر صيدها» ولأن حرمته بمحله، وهما في المحل سواء، وعنه: لا يحرم؛ لأنه لا يحرمه الإحرام، فلم يحرمه الحرم كالسباع. وسائر الحيوانات حكمها في الحرم حكمها في الإحرام، فما حرمه الإحرام من الصيد حرمه الحرم، وما أبيح فيه من الأهلي وغير المأكول؛ لم يحرمه الحرم، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم» رواه مسلم. إلا أن القمل لا يحرمه الحرم، رواية واحدة. ويجب الجزاء على كل قاتل في الحرام، مسلماً كان أو كافراً، صغيراً أو كبيراً؛ لأن حرمته لمحله، وهو ثابت بالنسبة إلى كل قاتل، ولو قتل محرم صيداً حرمياً؛ لزمه جزاء واحد؛ لأن المقتول واحد، فكان جزاؤه واحداً كما لو قتله حلال.
فصل:
ومن ملك صيداً في الحل، فأدخله الحرم؛ لزمه رفع يده عنه وإرساله، فإن تلف في يده أو أتلفه، ضمنه، وإن ذبحه، صار ميتة؛ لأن الحرم سبب لتحريم الصيد، فحرم استدامة إمساكه، كالإحرام. وإن أمسكه في الحرم، فأخرجه إلى الحل؛ لزمه إرساله كالمحرم إذا مسك الصيد حتى حل.
وإن رمى من الحرم صيداً في الحل، أو أرسل كلبه عليه، أو قتل صيداً على غصن في الحل، أصله في الحرم، فلا ضمان فيه؛ لأنه صيد حل، قاتله حلال فلم يضمن، كما لو كان قاتله في الحل، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ينفر صيدها» يدل بمنطوقه على تحريمه في المسألة الأولى، وبمفهومه على حله في الثانية. وإن رمى من الحل صيداً في الحرم، أو أرسل كلبه عليه فقتله، أو قتل صيداً على غصن في الحرم، أصله في الحل، ضمنه؛ لأنه صيد حرمي معصوم بمحله. وعن أحمد فيهما جميعاً روايتان.